الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل سنشهد حرباً يمنية أمريكية أم أمريكية إيرانية؟

بواسطة azzaman

هل سنشهد حرباً يمنية أمريكية أم أمريكية إيرانية؟

عماد علو الربيعي

 

المقدمة

منذ أن استأنف الحوثيون هجماتهم على إسرائيل، في منتصف آذار 2025، بعد أن أعلنت الأخيرة شنها عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة، ليعاد تسليط الضوء على أمن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، هددت حركة انصار الله الحوثية بالعودة لشن هجمات أكثر تواتراً بالصواريخ والطائرات المسيرة والقوارب الصغيرة ضد السفن الإسرائيلية والامريكية، حيث زعم الحوثيون أن هجماتهم كانت دعماً للشعب الفلسطيني في غزة، لتسارع الولايات المتحدة الى استهداف عدد من المدن والاهداف الحيوية في اليمن. كما قررت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إرسال حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط، بالتزامن مع استمرار الحملة الجوية المكثفة التي تشنها الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثي في اليمن، حيث أصدر وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، توجيهًا بتمديد انتشار مجموعة حاملة الطائرات « يو إس إس هاري ترومان (س ف ن 75) USS Harry Truman (CVN» الضاربة، التي تنشط حاليًا في البحر الأحمر، ومن المقرر أن تنضم اليها في الأسابيع المقبلة حاملة الطائرات «يو إس إس كارل فينسون (CVN-70) USS Carl Vinson «، برفقة مدمرات مرافقة، بعد أن أنهت مؤخرًا سلسلة من التدريبات المشتركة مع اليابان وكوريا الجنوبية في بحر الصين الشرقي. ومن الجدير بالذكر أن هذه هي المرة الثانية خلال ستة أشهر التي تنشر فيها الولايات المتحدة حاملتي طائرات في منطقة الشرق الأوسط، لكنها الأولى في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي كان قد تعهد بقمع الحوثيين في اليمن، في غضون ذلك، ترتفع أعدد القتلى اليمنيين نتيجة الهجمات الأمريكية على العاصمة اليمنية صنعاء ومدينة صعدة الشمالية الغربية، بينهم أعداد كبيرة من المدنيون، وفقاً لمصادر حوثية.

في ضوء التصعيد العسكري في جنوب البحر الأحمر يبدو أن الغارات الجوية الامريكية بمشاركة القوات الجوية الملكية البريطانية تتجه الى أن تكون أكثر استدامة من الغارات الامريكية التي كانت تستهدف الحوثيين منذ بدأ الصراع المسلح في البحر الأحمر بع عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أظهر الحوثيون فيها بوضوح قدرتهم على امتصاص تلك الضربات العسكرية، الأمر الذي سيتطلب مزيد من الوقت لنتمكن من تقييم الأثر الحالي بشكل صحيح، لنتائج هذا الصدام المسلح بين الحوثيين والقطع البحرية الامريكية والطائرات المنطلقة من حاملة الطائرات (يو إس إس هاري ترومان).

وفي محاولته للحصول على انتصارًا سهلاً، وثمرة سهلة المنال من حيث استعراض القوة العسكرية الأمريكية، نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على منصته «تروث سوشيال» أنه «سيتم القضاء عليهم [الحوثيون] تمامًا»، الا أن السؤال المطروح هل أن استدامة الغارات الجوية على الجغرافية اليمنية ستكون كافية لتحقيق نصر سهل المنال في حرب غير متكافئة بين الأرمادا البحرية الامريكية وقوات حركة انصار الله الحوثية؟  خصوصا» بعد أن حظي الحوثيون بتقدير واحترام كبيرين في اليمن والعالم العربي لدعمهم للفلسطينيين، لاسيما بعد أن أدت هجماتهم إلى شلل تام للتجارة البحرية عبر هذا الطريق الرئيسي في البحر الأحمر. في غضون ذلك، وردًا على المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، حذّر ترامب إيران من مواصلة تسليح الحوثيين، قائلًا: « إنه سيُحمّلها مسؤولية أي هجمات تُنفّذها الجماعة «المتمردة». الأمر الذي يشير الى احتمالية كبيرة في توسيع دائرة الصراع في منطقتي البحر الأحمر والخليج العربي وقد يؤدي ذلك الى اغلاق مضيق هرمز أيضا».

مسارات العمليات المحتملة

لالتقاط نبض هذه الهجمات المتبادلة بين الحوثيين والامريكان وتصعيدها خلال عودة الحرب الإسرائيلية على غزة، منتصف شهر آذار 2025، لم يعد خافيا» أنه من الوارد اتساع نطاق الهجمات اللاحقة وكثافتها وفتكها، من قبل كلا الطرفين الأمريكي والحوثي، وذلك في اطار استخدام الردع والردع المقابل. وهذا يؤشره استخدم الحوثيون صواريخ كروز وطائرات مُسيّرة، وحتى صواريخ باليستية مضادة للسفن ضد القطع البحرية الامريكية وفي مقدمتها مجموعة سفن حاملة الطائرات (يو إس إس هاري ترومان) فضلا» عن استهدافهم لأهداف محددة في تل آبيب وفي مقدمتها مطار بن غوريون بالصواريخ الفرض صوتية.  وبالمقابل جاءت استدامة الغارات الامريكية والبريطانية التي تنطلق من حاملة الطائرات هاري ترومان والقواعد الامريكية في المنطقة، لاستهداف البنية التحتية العسكرية اليمنية، مثل الرادارات، الدفاعات الجوية، أنظمة الصواريخ، والطائرات المسيرة، ومقرات القيادة والسيطرة اليمنية، لإضعاف قدرة القوات المسلحة اليمنية على رصد وتتبع السفن، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، وبالتالي تقليل فعاليتهم في البحر الأحمر. كل هذا يشير إلى أن العملية ليست مجرد ضربة محدودة، بل حملة مستمرة تهدف إلى تدمير قدرات الحوثيين العسكرية والمدنية أيضا» من خلال استهداف مواقع أخرى مثل مصنع القطن في الحديدة، مما يدل على أن الولايات المتحدة ربما تسعى لتوسيع نطاق التدمير ليشمل أهدافًا اقتصادية أو لوجستية يمنية.

     الا أن اللافت للنظر أن مستشار الامن القومي الأمريكي صرح بان العمليات العسكرية سوف تستهدف «القضاء على العديد من قادة الحركة» وهذا يمثل تحولًا في الاستراتيجية الأمريكية نحو استهداف القيادات السياسية والعسكرية العليا للحوثيين، بهدف إضعافها بشكل أكبر وشل قدرتها على اتخاذ القرار والقيادة. وبمقابل ذلك تعهد قادة حركة أنصار الله اليمنية بـالتصعيد المقابل، ما يعني أنهم مستعدون لتوسيع نطاق هجماتهم البحرية، وربما استخدام أساليب جديدة أو أكثر فتكا» وقوة، قد تؤدي الى غلق مضيق باب المندب اذا ما تم استخدام الألغام البحرية التي قد تشكل اكبر تهديد لسلامة الملاحة البحرية والتجارة العالمية، أو استهداف الكابلات الضوئية للاتصالات التي تمتد في بحر العرب والبحر الأحمر، ومضيق باب المندب..

ماذا وراء الحشد العسكري الأمريكي

بالتزامن مع دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الى تهجير سكان قطاع غزة واطلاق يد إسرائيل في الاستيلاء على أراضي سورية ولبنانية وتهجير سكان مخيمات الفلسطينيين في جنين وطول كرم، وتوعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ»إبادة الحوثيين» وتهديد إيران وتحذيرها من مواصلة تقديم الدعم لهم، تقوم الولايات المتحدة الامريكية بحشد قوات بحرية وجوية ضخمة في شمال ووسط البحر الأحمر وشرق البحر المتوسط عمودها الفقري الطائرات متعددة المهام المنطلقة من حاملات الطائرات الأمريكية مثل F/A-18E/F Super Hornet أو F/A-18C/D Hornet. هذه الطائرات قادرة على تنفيذ مهام جو-جو وجو-أرض، بما في ذلك الغارات الجوية. بالإضافة الى، مقاتلات تابعة للقوات الجوية الأمريكية تشمل هذه الطائرات أنواعًا مختلفة من المقاتلات القادرة على مهام الهجوم الأرضي، مثل F-15E Strike Eagle أو F-16 Fighting Falcon.  التي تنطلق من «قواعد عسكرية إقليمية». تقوم المسيرات الامريكية المسلحة: التي تطلق من قواعد إقليمية مثل MQ-9 Reaper. القادرة على حمل صواريخ وقنابل موجهة بدقة، وتنفيذ مهام استطلاع ومراقبة وهجوم، بالإضافة الى صواريخ كروز وتوما هوك. كل هذا الحشد العسكري بالتأكيد لا يمكن قراءته على أنه يستهدف القوات المسلحة اليمنية فقط، بل لابد لنا من قراءته على أنه تأكيد لجدية التهديد الأمريكي لإيران الذي ورد في الرسالة التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأمهل فيها طهران مدة شهرين للتوصل لاتفاق نووي جديد، قبل أن ينفذ عملا عسكريا ضد منشآت إيران النووية بحسب الرسالة التي بعث بها ترامب للمرشد الإيراني السيد علي خامنئي.

الخاتمة

من خلال تحليل مسار وشكل وطبيعة استدامة العمليات الجوية الأمريكية على اليمن خلال الفترة منذ منتصف آذار/مارس 2025، أن الحملة الجوية المكثفة والمباغتة، المستهدفة للبنية التحتية العسكرية اليمنية هي في نفس الوقت محاولة لإرسال رسالة ردع قوية الى الجمهورية الإسلامية في ايران التي تقدم الدعم لحركة انصار الله الحوثية، وأن احتمالات توسع المعركة عسكرياً وإقليمياً وسياسياً، مع احتمال محدود لعمليات برية، مما ينذر بصراع أطول وأكثر تعقيداً، في جنوب البحر الأحمر مع احتمالية كبيرة لأن ينتقل الى مضيق هرمز في الخليج العربي.

 

 اللواء الركن المتقاعد

 باحث في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية

 


مشاهدات 413
الكاتب عماد علو الربيعي
أضيف 2025/03/25 - 3:52 PM
آخر تحديث 2025/03/29 - 4:39 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 527 الشهر 18126 الكلي 10579075
الوقت الآن
السبت 2025/3/29 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير