مشاهدات من إسطنبول.. حمام حريم السلطان في قلب العاصمة الإقتصادية

رعد أبو كلل الطائي

يقع حمام حريم السلطان في قلب إسطنبول الأوربية وضمن حدود بلدية الفاتح السياحية ولن تجد صعوبة في الوصول إليه ولن يضيف هذا الحمام لزيارتك بعداً تأريخيياً فحسب بل يمكنك ايضاً إضافة المتعة إذ تستطيع اختيار واحدة من باقات الحمام والمساج وهذه المرة اختبر النقاء على الطريقة التركية.

 تأريخه

يعتبر الحمام من أقدم وأجمل الحمامات التأريخية في إسطنبول ويعود تأريخ بناؤه

إلى القرن السادس عشر الميلادي وفي زمن السلطان سليمان القانوني الشهير وبدأ كل شيء عندما أمرت خورام ملكة الإمبراطورية العثمانية السلطان ببناء حمام للسكان المدنيين في المدينة بالقرب من المساجد الشهيرة في إسطنبول واختار المهندس المعماري سنان صانع المباني وقتها مكاناً بين مسجد أيا صوفيا والمسجدالأزرق (مسجد السلطان احمد) وبوشر بالبناء في عام 1556م وفي نفس العام فتحت أبوابه للجمهور وكان المبنى على الطراز التقليدي لهذه الفترة لكن لا يزال بإمكانك رؤية الأبعاد الإبداعية للعمارة في هذا الحمام بوضوح

فيما تم إغلاقه في عام 1910م ونسيت وظيفته لسنوات وعلى سبيل المثال تم استخدام هذا الحمام لفترة لأيواء السجناء في إسطنبول لأن سجن السلطان أحمد الواقع بالقرب منه لم يُعد له القدرة على احتجاز السجناء والمجرمين انذاك لذلك استخدمت السلطات الحمام المهجور كسجن مؤقت كما تم استخدامه لبعض الوقت كمخزن للزيت والفلفل واستمر هذا الوضع حتى منتصف القرن

العشرين .

مراحل إعادة بنائه

بين عامي 1957م و 1958م اُعيد بناء هيكل الحمام القديم وهذه المرة أصبح حمام حريم السلطان التأريخي (سجاد المدينة) وأطلق عليه أسم سوق السجاد وصار معروفاً بهذه التسمية واستمر على هذا الوضع كسوق للسجاد حتى عام 2007م إذ اُعيد بنائه كما كان من قبل كحمام واستعاد مجده السابق حتى عام 2008م حين اُنيط بناء هذا الحمام إلى كلية الهندسة المعمارية في جامعة كوجالي التي كانت تتمتع بمهارات كبيرة في إعادة بناء المباني التأريخية وخلال عملية إعادة الأعمار تم بذل الكثير من الجهد حتى لا يتم فقدان أي من عناصر الهيكل الرئيسي تحت أي ظرف من الظروف والحفاظ على هيكله الأصلي وانجز إعادة وبناء الحمام وفتحت أبوابه للجمهور مرة أخرى في عام 2011م .

اجزاء الحمام

تبلغ مساحة الحمام ثلاثة هكتارات ويتكون من ثلاث قاعات رئيسية  :

(1) القاعة الباردة  :

وهو مخصص لكبار الشخصيات يحتوي على صالون للتدليك وغرفة ملابس ومنطقة استقبال ومتجر ومكان لتصفيف الشعر وآخر للاسترخاء وهذه الصالة هي المكان الذي تستعد فيه لدخول الحمام وتغيير الملابس ثم تدخل إلى غرفة معينة تضع متعلقاتك في خزانات مقفلة وارتداء ملابس بيضاء .

(2) القاعة الساخنة :

وهو الجزء الأكبر من الحمام وعند دخولك القاعة ترى مساحات رخامية كبيرة محاطة بأجنحة كبيرة وصغيرة ثم تشاهد أوعية وصنابير رخامية في متناول اليد .

(3) القاعة الدافئة :

وبمجرد ان يتعرق جسمك وتكون بشرتك جاهزة سيتم توجيهك إلى قاعة دافئة والأستلقاء في المكان المطلوب والأستحمام على الطريقة التركية .

ويجذب الأنتباه مسطح رخامي كبير من الرخام وثمانية أضلاع يُعرف بمحجر البطن يستلقون عملاء الحمام على بطونهم في هذا المسطح وان بُنية الحمام النسائي هي نفسها كالحمام الرجالي مع اختلاف كون غرفة تغيير الملابس النسائية اصغر حجماً ومن الجدير بالاهتمام في بناء هذا الحمام هو نظام التدفئة الخاصة به .

زيارة استقصائية

لقرب مكان حمام حريم السلطان بالنسبة لسكني انطلقت سيراً على الأقدام لمشاهدة الحمام وبعد حوالي نصف ساعة وصلت الحمام للأطلاع ومعرفة المزيد عن هذا المعلم التأريخي وخدماته فتواجهك عدداً من التماثيل الرائعة الجمال بهندستيها وبنائها قريبة من أقسام الحمام وترى ذلك التناسق التام بين قسمي السيدات والرجال في الحمام ويقع مبنى قسم الرجال في شمال الحمام في حين يقع مبنـــــــى قــــــــــسم السيدات في جنوب منه .

وحين تدخل إلى غرفة تغيير الملابس للرجال ترى فيها أربع نوافذ زجاجية ملونة في جزئها العلوي فيما ترى عن بعد ثلاث نوافذ في غرفة تغيير ملابس النساء والافت للنظر مشاهدة زخارف بيضاء وحمراء تجذب

الأنتباه في قوسي مدخلي قسمي الرجال والنساء إلى جانب نقوش مذهبة على خلفية خضراء ويوجد في الحمام ممر ذو أعمدة وقبة في وسط قسم الرجال وإذا نظرنا إلى سقف ممره وقبته ترى إنه مصنوع من الطوب ومغطى بصفيحة من الرصاص .

وأخيراً اقول  :

ان حمام حريم السلطان يشهد إقامة خدمات خاصة لحفلات

الزفاف وبطرق تقليدية لباقات العروس والعريس تتخللها موسيقى حية وتقديم الأطباق والحلويات التركية اللذيذة والشاي وفي أجواء ممتعة من إطلالة رائعة على آيا صوفيا وتحت اشجار المجمع المعمرة .