الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مسؤولية الدولة الحضارية الحديثة عن توفير السعرات الحرارية للمواطنين

بواسطة azzaman

مسؤولية الدولة الحضارية الحديثة عن توفير السعرات الحرارية للمواطنين

محمد عبد الجبار الشبوط

 

في عالمنا المعاصر، أصبحت الدولة الحديثة تتحمل مسؤولية متزايدة عن رفاهية مواطنيها في العديد من المجالات الحياتية، ومن بين أهم هذه المجالات هو توفير الغذاء الكافي والصحي لكل فرد. من هذا المنطلق، يمكن القول أن الدولة الحضارية الحديثة (د ح ح) تتحمل مسؤولية كبيرة في ضمان حصول المواطنين على السعرات الحرارية اللازمة لضمان صحتهم ورفاههم، وأن توفير الطعام والسعرات الحرارية يشكل أحد أبرز مؤشرات تقدم أي دولة من حيث استقرارها الاجتماعي واقتصادها.

1. مفهوم الدولة الحضارية الحديثة:

الدولة الحضارية الحديثة، كما بينت في العديد من المنشورات  السابقة، هي تلك التي تعمل على تعزيز ورفاهية الإنسان من خلال توفير بنية تحتية متطورة، وبناء مؤسسات تشريعية وتنظيمية تضمن حقوق الأفراد في مختلف جوانب حياتهم. وتشمل هذه الحقوق حق الإنسان في الحياة الكريمة، وفي الحصول على غذاء كافٍ وصحي. ويعتبر توفير الطعام أحد أسس تلك الحقوق الأساسية. وفي الوقت ذاته، فإن تلبية احتياجات المواطنين من الطعام والشراب ليست مسألة فردية فقط، بل هي مسؤولية جماعية تتمثل في إدارة الدولة التي تعد من أولوياتها رعاية صحة شعبها.

2. السعرات الحرارية وأهميتها للفرد:

السعرات الحرارية هي وحدة قياس الطاقة التي يحصل عليها الجسم من الأطعمة التي يتناولها، وتستخدم هذه الطاقة للقيام بالأنشطة اليومية المختلفة من حركة وأداء وظائف الجسم الحيوية مثل التنفس والهضم. إن توفير السعرات الحرارية الضرورية للجسم يضمن الحفاظ على مستوى صحي من الطاقة، ويساعد في تجنب المشاكل الصحية المتعلقة بسوء التغذية مثل الضعف، وفقر الدم، والسمنة، وغير ذلك من الأمراض التي قد تنشأ بسبب نقص أو فائض الطاقة.

يختلف الاحتياج اليومي للسعرات الحرارية  بناءً على عدة عوامل مثل العمر، والجنس، ومستوى النشاط البدني. على سبيل المثال، يحتاج الرجل البالغ إلى حوالي 2500 سعرة حرارية يومياً، بينما تحتاج المرأة البالغة إلى حوالي 2000 سعرة حرارية.

طعام صحي

3. دور الدولة في توفير الغذاء الكافي:

في الدولة الحضارية الحديثة، فإن توفير الطعام الصحي والمتوازن هو جزء من مسؤولية الحكومة تجاه مواطنيها. يتطلب الأمر أن تكون هناك سياسات غذائية فعالة تهدف إلى:

*ضمان توافر الغذاء: يجب على الدولة أن تضمن أن كافة المواطنين يستطيعون الوصول إلى الغذاء بأسعار معقولة ومن مصادر متنوعة تغطي احتياجاتهم من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية.

 *التشجيع على الزراعة المستدامة: يجب أن تدعم الدولة الأنشطة الزراعية المحلية لزيادة الإنتاج المحلي للغذاء، مما يسهم في ضمان توافر الموارد الغذائية بشكل دائم ويخفض الاعتماد على الاستيراد. كما أن الاستثمار في التقنيات الزراعية الحديثة سيساعد في تحسين الإنتاجية وتوفير الغذاء بتكاليف أقل.

*نظام توزيع فعال: يجب أن تضمن الدولة شبكة توزيع الغذاء التي تشمل كافة المناطق الجغرافية من المدن الكبرى إلى القرى النائية، بما يضمن للجميع إمكانية الوصول إلى الغذاء الجيد.

  *الرقابة على جودة الغذاء: يجب على الدولة وضع قوانين صارمة للرقابة الصحية على الغذاء لضمان سلامة الطعام المقدم للمواطنين.

4. التأثيرات الصحية والتبعات الاجتماعية:

إن المسؤولية عن توفير السعرات الحرارية لا تقتصر فقط على الجانب الغذائي، بل تتعلق أيضًا بالجانب الصحي والاجتماعي. سوء التغذية أو الحصول على طعام غير متوازن قد يؤدي إلى ظهور عدة مشاكل صحية مثل:

*الأمراض المرتبطة بنقص التغذية: مثل فقر الدم وسوء النمو، والتي تضر بمستقبل الأفراد في المجتمع.

 *الأمراض المزمنة المرتبطة بالسمنة: من جهة أخرى، يمكن أن يؤدي الغذاء غير المتوازن، مثل الوجبات السريعة أو الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية غير الصحية، إلى ظهور أمراض مثل السمنة وأمراض القلب.

*الفقر وسوء التغذية: في الدول التي تعاني من ضعف في اقتصادها، يمكن أن يواجه الأفراد نقصًا في الحصول على السعرات الحرارية الضرورية، مما يؤدي إلى فقر التغذية وارتفاع معدلات الفقر بشكل عام.

سعرات حرارية

5. التوازن بين الإنتاج والاستهلاك:

الدولة الحضارية الحديثة يجب أن تتبنى استراتيجيات لضمان التوازن بين الإنتاج والاستهلاك بحيث يكون هناك تشجيع على الانتاج المحلي بما يتناسب مع احتياجات المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، على الدولة أن تعزز التوعية الغذائية لدى المواطنين لمساعدتهم على اتخاذ خيارات غذائية صحية، وبالتالي تقليل الضغط على الأنظمة الصحية والتقليل من تكاليف الرعاية الصحية الناجمة عن أمراض مرتبطة بنمط الحياة.

6. التحديات التي قد تواجه الدولة:

رغم الأهمية الكبيرة لتوفير السعرات الحرارية، إلا أن الدول قد تواجه العديد من التحديات في هذا المجال، مثل:

*التغيرات المناخية التي قد تؤثر على إنتاج الغذاء.

*الأزمات الاقتصادية التي قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مما يصعب على البعض الحصول على الغذاء الكافي.

*التحديات السياسية التي قد تحول دون تنفيذ سياسات غذائية فعالة في بعض البلدان.

7. دور الفرد في المجتمع الحضاري:

على الرغم من المسؤولية الكبيرة التي تتحملها الدولة في توفير الغذاء، فإن الأفراد أيضًا عليهم دور مهم في المساهمة في التنمية المستدامة. ويمكن أن يكون ذلك من خلال:

- اختيار المنتجات المحلية التي تدعم الاقتصاد الوطني.

- الحد من الهدر الغذائي.

 - الاهتمام بنوعية الطعام واختيار الأطعمة الصحية.

والخلاصة ان الدولة الحضارية الحديثة تتحمل مسؤولية رئيسية في توفير السعرات الحرارية اللازمة والمغذية لكل فرد في المجتمع لضمان الصحة العامة ورفاهية المواطنين. من خلال تطوير السياسات الزراعية والصحية والتوزيعية المناسبة، يمكن للدولة أن تسهم بشكل فعال في تلبية احتياجات مواطنيها الغذائية. وفي نفس الوقت، يجب على الأفراد أن يتحملوا مسؤولياتهم في تحسين نمط حياتهم الغذائي.

يستهدف هذا المــــــــــقال لفت انتباه الحكومة الى مسؤوليتها في هذا المجال حتى لو قلنا ان العراق لم يصبح حتى الان دولة حـــــــــــــضارية حديثة.

 

 


مشاهدات 101
الكاتب محمد عبد الجبار الشبوط
أضيف 2025/03/03 - 3:31 PM
آخر تحديث 2025/03/04 - 4:34 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 376 الشهر 1982 الكلي 10462931
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/3/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير