الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 نوائح سومر رواية عبد الستار البيضاني


 نوائح سومر رواية عبد الستار البيضاني

" المايطيح إنطيحه كًوّه "

عبد الحسن علي الغرابي

 

في امسية جميلة ممتعه  منتصف ربيع هذا العام  2025 اكتظت قاعة الجواهري بحضور عدد غفير من الادباء ، كان احتفالا مهيب بتوقيع آخر منجز للكاتب والصحفي عبد الستار البيضاني من اصدارات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في طبعة جميلة تضمنت 250 صفحة من الحجم المتوسط احتوت على 15 فصل ، تدور احداث الرواية في مدينة الثورة مدينة الصدر حالياً ، في محيطها نشأ الكاتب وترعرع فيها ، فهي مصدر الوحي لأكثر نتاجه ، ومن قلوب ابناءها الفقراء انتزع صرخات الألم والفرح في هذا المنتج، لذا وفق باختيار العنوان " نوائح سومر " لتكن رمز ودلالة واضحة للعمق الحضاري والثقافي لجذور ابناء الجنوب ، الروائي لا تنفك صلته بالواقع ، وان جذوره ممتدة في التربة التي نشأ فيها ، فهو من سلط الأضواء الكاشفة على مدينته  (الثورة ) التي بكثافة سكانها وسعة مساحتها يمكن ان تكون محافظة ،  الروائي رحب الافق ذا ذهن مرن يتخطى نمط من انماط الأدب ، ويبتعد عن التعقيد ، لغته ثرية رصينة واضحة الدلالة ، سهلة مشوقة محكمة الأداء ، وهو احد ابرز المثقفين الذين أغنوا المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات

 

" فولتير يقول عن نفسه كلمة احب ان أقولها عن نفسي وافخر بها : لست عميقاً ولكني على الدوام واضح "

 

وبلا ادنى شك كان الروائي في هذا المنجز نوائح سومر عميقاً واضحاً بما قدم من ادباً عضوياً ، ارتبط بمجتمع مدينته ، وليس أدب الترف والتسلية ، حاول ان يجلو محنة الواقع البائس لمجتمع سلط عليه ضوء كاشف انار ما جرى ويجري في احياء هذه المدينة ، في الصفحة  80 .... ـ عادت أمي من السوق ، وهي تسب وتشتم الحكومة لأنها فلّشت السوق وقطعت ارزاق الناس ، كما فهمت من كلامها ، فاغلب محلات الخضار تفلشت ؛

 

ــ يعني وحيدة تفلش محلّها ؟

 

أجابتني بعصبية : طبعاً .. قابل وحيدة ربها وحد .....؛

 

وحيدة بائعة اللبن أرملة وأم عباس أحد اهم رموز الرواية وعباس صديق الروائي وفي الصفحة 105 ... تواصلت المواجهات يومين متتالين ، حوصرت الجماهير الغاضبة التي كانت تأتي من ( خلف السدة ) و ( الشاكرية ) .( تل محمد ) . و( الثورة ) في عكد الأكراد هنا شاهدت سلمان الذي أخبرني انه شاهد ( سلام عادل ) في ( ساحة الطيران ) يوزع منشورات بين المتظاهرين يدعوهم لإسقاط المؤامرة .

 

والروائي ياخذنا ويدور بنا ، كأنه يحمل آلة تصور وهو الأكثر تأثراً بالانطباعات المختلفة واستسلاماً للألم ومرارة الحدث ، يتحدث قلبه أكثر مما يسطر قلمه ،  في ذلك العهد من حياة وطنه المضطهد وشعبه المعذب وبما يجب ان يقال كان الراوي عظيم الشعور بوطنه ، وبما تتوالى عليه من أحداث ولعل سر قدرته أنه كان يمزج آلامه بآلام وطنه ، في الصفحة  168 سعدون  بسمرة وجهه .. كان ( يبزخ ) ويهزج : ( الما يطيح نطيحه كوّه ) أي الذي لا يسقط سنسقطه بالقوّه ، فتح ذراعيه وضمني إليه هامساً لي : أنتهوا .. ستسقطهم الجماهير بالفؤوس كما سقطت دكتاتوريات أمريكا الاتينية . . طارق عزيز هو البداية . . )  سعدون أحد اهم ابطال الرواية طالب في كلية الطب جامعة البصرة ، كان يقصد محاولة اغتيال فاشلة وقعت في الجامعة المستنصريه . . كانت نار الغضب تستعر في نفوس المعارضين للنظام والذين يطمحون للتغيير بإصرار وثبات كأنها وثيقة انتماء وعقد شرف على المحبة الوطنية والتضحية ووحدة الهدف ، والمؤسف ان سعدون بعد اكمال الدراسة وتخرجه من كلية الطب يكون ضحية تضاف الى نوائح ســـومر بعد ان يعود عباس الضابط ابن وحيدة ملفوف بالعلم العراقي ... " في الصفحة  246 .. الشارع ضاق بالمشيّعين ، نزل الصوت على رأسي مثل  مطارق النحاس : أحااا... حااا .....احاااااااا

 

يا إلهي هذه ليست مدينة . . هذه مصطبة من مصاطب الحزن السومريّ .. الحزن الرافدينيّ كلّه يعرج منها الآن إلى السماء "  ارى ان البيضاني وفق بالسرد السلس الممتع ليبهر المتلقي ، وازعم ان الكاتب حقق هدفين الأول اضاء مدينة الثورة والهدف الثاني قدم  سيرة ذاتية لحياته في هذه المدينة التي تجمع ولا تفرق .

 

 


مشاهدات 361
الكاتب عبد الحسن علي الغرابي
أضيف 2025/06/22 - 5:30 PM
آخر تحديث 2025/06/24 - 3:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 361 الشهر 15204 الكلي 11149858
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/6/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير