وحيداً أشربُ قهوَتي وأُحبُّكِ
عبد الجبار الجبوري
إنفضَّ...
الآن الصَحَّبُ...
لم يبقْ في المقهى سِواي..
وبعضُ ذكريات..
بلى..
فالمقهى فارغة....
أو هكذا يراه الآخرون...
لكنه يعجُّ بالصمت والكلمات...
وحيداً...
أشرب القهوة من يد النادل الصغير...
واجترح لقصيدتي.
أسئلةً...
ليست لها نهايات ...
فلديّ من الكلام الكثير..
ومن الحزن الذكريات .
مايجعلُني.....
اوزّع حياتي...
بين نجمتين إفترقتا عند حافة البحر....
وآلتقيتا...
عند قُبَلِ الشّفاه..
تفزُّ...
عصافير قصيدتي...
على حلم ليس له عيون تراك..
فبعدكِ...
صار الحلمُ أعمى..
والقهوةُ باردةٌ في الشّفاه..
هكذا...
صِرتُ...
أجلسُ وحيداً على مصطبة المقهى..
أرتشف قهوتي...
من شفتيك الكافرتين....،
وأحبّكِ....
أذكرُ....
آخر مرّةٍ...
إلتقت عيناكِ بعيني..
وتهامستا...
فصافحَ قلبي قلبَكِ.....
وكفْي بكفّكِ..
وإمتلأ وجهي بشوقٍ غريب...
عندها...
لم تعدْ روحي تضيءُ لي..
فمئذنةُ الحي إنحنت لها..
وصار دمها...
وردة البحر...
والبحر مشى على الماء...
كما مشى...
في ليلة بلا قمرْ..
وحيداً ...
ذلك الليلُ الأخير..
لم يبق في المقهى سواي..
تفرّق...
الصَّحبُ منّي كلهم..
وبقيتُ فرداً...
اذود عن نخلةٍ هجرها الماءُ...
وعافَ...
القطا طيبُ المنام...
يا ويحَ تلكَ النخلةِ التي ظللّتْ أياميَ البعيدة..
وصار في أفق الفنار..
أغنيةً وقصيدة...
فمَنْ...
لهذا الشاعرِ الولهانْ...
يعيدُ لهُ...
صوتَهُ المبحوحَ من ألفِ عامْ..
وجع الكلامْ..
فقدتُ ظلي في الزحام...
وضاعتْ...
في عرض الصحراء راحلتي..
وكُدتُ...
أموتُ من العَطَش..
لولا..
تلك النجمة البلهاء التي أنارت لي الظلام...
كانت هي الدليل..
وكنتُ أحثُ الخطى ..
وكانت خطوتي نشيدها العظيم..
أعادني صوتها...
وانا وسط المفازات ادور بلا هدى..
خيلي...
تخبّ الرمل الى حتفها..
يسبقني.
رتل من الماء يسعى..
وتسعى....
الى شفاهها القُبَل..
فكيف..
أزرع قصائدي في دربها...
بساتين زهو...،
وازهار بهو...!!
ووجهي طريدها....
وقلبي..
خاتمٌ في آصبعها...
أنتِ...
يا إبنة الماءِ أنتِ..
قومي...
وإنشدي مزاميرحبّي..
للريحِ..،
وللغيلان...
للبحر في جنونه..
وللشطآنْ...
لسماءٍ حُبْلى...
لن تلدَ الارضُ سوى وجعي..
ولن تلدَ الأفعى...
سوى.....
أفعىً أخرى أفعوانْ...
الليلُ...
بتطوانَ طويلٌ...
وبوهران نرتلُ أحلى نشيدْ....
بَعُد الليلُ..
وأنتِ....
مازلتِ نجمةً تنأى بقلبي..،
ولاتُضيءْ...
وأنا..
نجمةٌ ضلّتْ الطريقَ إليكِ...
منذ ألف عام...
وأنا أبحثُ عنكِ في أضلعي..
ولا قمرٌ....
في الطريق يضيءْ...
الآنْ...
أعترفُ بأنكِ أنّي. .
كلَّ شهقة مكلومةٍ في صدري....
هي أنتِ...
وكلُّ جرحٍ نازفٍ في قلبي....
هو أنتِ..
فلنْ...
تطلع الشمس إلاّ من عينيكِ...
ولن يضيءَ القمر..
آلاّ على شفتيك..
لنْ...
تشتبكَ شفاهي إلاّ بشفتيّكِ..
هذا...
ما تساقط من وجع الليل على وجعي...
وكلُّ ماعداهُ...
محضُ....
كلامُ غبي...
مازلتُ أشربُ قهوتي وحيداً..
وأُحبّكِ....
الموصل...
كافيه إسطنبول
11/6/2025