الطموح .. طريق غير معبّد
سامي آل كصاد
كلنا نسمع عن الطموح وأمل الوصول إليه، ولكلٍّ منا تطلعات شخصية مخزونة بداخله تدعمه في سعيه لتحقيق أهدافه، وتكون حافزًا يدفعه إلى الأمام ليستكمل مسيرة حياته بالشكل الذي يليق به ويرضاه. ويمكننا أن نسمّي ذلك الطموح. فالإنسان، كلما بلغ مرحلة من مراحل حياته، تطلّع إلى مرحلة جديدة، وهنا تتسع آفاقه. أما الشخص الفاقد للطموح، فهو ميت معنويًا، لأنه فقد عناصر متعددة من حياته، منها القدرة على البذل والعطاء، وتصبح فرص نجاحه مستحيلة، بالإضافة إلى شعوره بالإحباط والخوف والتردد في اتخاذ القرارات والمواجهة. كل هذه العوامل تجعل الطموح يقف عند نقطة محددة. لكن امتلاك الطموح وحده لا يكفي لتحقيق الأهداف المرسومة، إذ لا بد من توفر أمور أخرى تدخل ضمن دائرة الحصانة الذاتية تجاه ما يتعرض له الإنسان من صعوبات وعراقيل ومطبّات غير متوقعة، وإلا فإنه، دون أدنى شك، سيتنازل عن طموحاته شيئًا فشيئًا، وفي النهاية ستندثر. لذا، على الإنسان أن يحدد لنفسه طموحات لا تموت، مهما حاول الآخرون خنقها بكل الوسائل والطرق، وأن يكون على يقين تام بأن الله هو من زرع في قلبه الطموح للوصول إلى أمر ما، وأنه سيصل إليه إن أخذ بالأسباب وتوكل على الله، فهو سنده فيما يطمح إليه. إن الجرأة في اتخاذ القرار كفيلة بترجمة الطموحات إلى واقع ملموس، لذا علينا أن نعاهد أنفسنا أولًا، ونعاهد رب العزة والجلال، وألا نخضع إلا له، فهو الوحيد الذي يقف أمام كل من يسعى لإحباطنا والوقوف ضدنا. وعلينا أن نكون أكثر وعيًا، فنُدرك ما وراء الأحداث، ونمتلك زمام الأمور، ونسيرها بما يرضي الله، لا وفق أهواء البشر، ومهما كانت مكانتهم في قلوبنا، فلا نجعل رضاهم على حساب طموحنا أبدًا. وفي الوقت نفسه، علينا أن نحمي طموحاتنا بوضع صمام أمان لها، كي لا تصبح في خطر، فهي في أي لحظة يمكن أن تتحطم. والأهم من ذلك كله، امتلاك روح طموحة، لأنها تكون عرضة للاغتيال، إذ تعيش وسط مجتمعات لا تحب النظر إلى إنجازات الآخرين المتميزة، وقلوب لا تحتمل الإنسان الطموح، لذا علينا الحذر. وهناك كثير من الناس يقهرهم سطوع طموحاتنا في سماء إبداعنا ونجاحنا، لأسباب عدة، منها أننا قد نكون أقل منهم من الناحية المادية، أو لا ننتمي إلى أسرة ذات مكانة اجتماعية مرموقة، فهم لا يريدون، في الأساس، أن يكون أحدٌ متميزًا عليهم، لذا يسعون إلى تثبيط معنوياتنا ومحاولة إسقاطنا. إذن، علينا أن نحذر شرَّ من يحيطون بنا، كي لا يقتلوا طموحاتنا، فليس كل الناس يحبون أن يرونا في مكانة عالية ومنزلة راقية. ويجب أن نحذر، خصوصًا، من الأقربين الذين يسعون إلى سرقة نجاحاتنا وطموحاتنا، ويسعدهم فشلنا وسقوطنا، وهذا أمر لافت للنظر بين الأقارب. ولا ننسى أن الشعور بالرضا وراحة الضمير من أهم الأمور التي يجب أن نتحلى بها، كي تبقى طموحاتنا حية دائمًا. كما ينبغي أن ندرك تمامًا أن العين لا تحب من هو أرجح منها، وهذا ما دفع أبناء آدم للقتل، وهو نفسه ما جعل إخوة يوسف يلقونه في غيابة الجب. والأهم من ذلك كله، مرضاة الله، فهناك حكمة تقول: «إذا كان الله راضيًا، فسلامًا على الدنيا ومن فيها.»