لا تستوحشوا طريق غزة لقلة سالكيه
شاكر عبد موسى
لا تنظروا إلى طريق غزة على أنه وحيد أو مهجور، فرغم قلة سالكيه، يحمل في طياته رسالة عميقة عن المقاومة والصمود الإنساني. غزة، تلك البقعة الصغيرة الممتدة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ليست مجرد نقطة على الخريطة، بل تاريخ حي ينبض بالشجاعة وصورة مشرقة للكرامة الإنسانية.
بالنسبة للبعض، قد يكون التساؤل واردًا: لماذا نولي قطاع غزة كل هذا الاهتمام؟ ولماذا لا نكتفي برؤيتها كساحة أزمات ؟ لكن الحقيقة أن غزة تتجاوز كونها مكانًا يعاني، لتصبح نافذة تطل منها الإنسانية على دروس في النضال والإصرار.تاريخ غزة مليء بروايات لم تُكتب بالقلم فقط، بل بالدم والتدمير الشامل ,لقد واجه أهلها، مثلهم مثل باقي الشعب الفلسطيني، تحديات تفوق الوصف، ومع ذلك لم ينكسر عزمهم. بل العكس، قوتهم أمام تلك المحن أصبحت شاهدًا على إرادتهم للحفاظ على وجودهم وتراثهم. إن هذا التصميم المستمر يعكس درسًا عالميًا: كيف يمكن أن تتحول الأزمات إلى منصات للإبداع والصلابة.ذُكرت غزة كثيرًا بسبب الحصار الذي ألحق الضرر بحياة سكانها اليومية بشكل كبير. موارد محدودة، غلاء في المعيشة، وقيود تخنق الحركة، كلها ملامح لمعاناة مؤلمة. ومع ذلك، فإن النظر إلى هذا الواقع بعين المتفرج فقط ليس خيارًا أخلاقيًا.يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بروح المسؤولية لدعم قضايا العدالة الإنسانية هناك. فغزة ليست مجرد أزمة بحاجة إلى حل عابر، بل فرصة لتجديد القيم الإنسانية.الشباب في العالم العربي وخارجه يجب أن يتعرفوا على حكاية غزة. فهم يمثلون المستقبل، ويحملون فيه المفتاح لتغيير الرواية السائدة.إن إطلاع هؤلاء الشباب على حقيقة الأوضاع في غزة لا يعني فقط زيادة وعيهم، بل تمكينهم من أن يصبحوا أشخاصًا فاعلين في دعم قضايا الحقوق. عندما يمتلكون هذه المعرفة، يمكنهم نشرها في محيطهم والتأثير الإيجابي في مجتمعاتهم.وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي اليوم أدوات فعّالة لنقل القصص وإبراز المعاناة والمسؤوليات المشتركة. دور الجميع لا يقتصر على المشاركة السلبية أو الإعجاب السريع بالمحتوى، إنما يتخطاه إلى نشر رسالة تعكس التضامن الحقيقي. توثيق معاناة سكان غزة ومشاركة رواياتهم يساعد في بناء رأي عام عالمي يدافع عن العدالة والحرية.. عكس ما تنقله بعض القنوات الفضائية العربية المتصهينة.وسط كل هذه التحديات، يبقى الأمل شعلة مضيئة في قلب غزة وأهلها. تمسكهم بالحياة وكفاحهم من أجل حقوقهم لا يعكس فقط صمودهم بل أيضًا إيمانًا بأن النور موجود مهما اشتدت العتمة. هذا العزم يدعو كل من يؤمن بالعدل والمساواة للوقوف بجانب غزة ودعمها بكل الوسائل الممكنة.إن القصة التي تحكيها غزة ليست فقط عن حصار أو معاناة، بل هي أساسًا قصة عن الإنسانية والتلاحم. الطريق الذي يقود إليها قد يبدو مقفرًا وقاسيًا، لكنه يحمل دعوة لكل فرد أن يكون جزءًا من التغيير.دعم غزة لا يعني فقط تقديم المساعدة, بل يعني فهم أن نضالها هو نضال البشرية جمعاء من أجل الحرية والكرامة. فلا تهبكم وعورة الطريق أو قلة سالكيه، فكل خطوة باتجاه غزة هي خطوة نحو عالم أكثر عدلاً وإنسانية.