الإعلام.. تشكيل الرأي أم تضليله؟
وفاء الفتلاوي
في عالمنا اليوم، لا يمكن إنكار دور الإعلام في تشكيل الرأي العام، خاصة في العراق حيث تتعدد القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم في نقل الأخبار وتحليل الأحداث؛ لكن السؤال المهم هنا: هل أصبح الإعلام وسيلة لتشكيل الواقع بشكل موضوعي، أم أنه مجرد أداة لتوجيه الرأي العام وفق مصالح معينة؟
من الجوانب الإيجابية، يعتبر الإعلام الأداة الأكثر فعالية لنقل المعلومات بسرعة إلى الجمهور. في العراق، حيث يُعتبر التواصل السياسي والنقاش العام أمرا ضروريا لضمان المشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية، يمكن للإعلام أن يكون وسيلة لتوعية الناس بالقضايا السياسية والاجتماعية.
العديد من القنوات والصحف والمواقع الإلكترونية أصبحت منصات رئيسية للتوعية بحقوق المواطنين، وتعريفهم بمسؤوليات الحكومة والبرلمان. كما أن وسائل الإعلام ساعدت في تعزيز المشاركة السياسية بين الشباب، وزينت مفهوم الديمقراطية والتعددية السياسية في عيون الكثيرين.
لكن في الجهة المقابلة، قد يكون الإعلام في أداة لتشويه الواقع السياسي والاجتماعي، خصوصا عندما تتبنى بعض القنوات أو المواقع أجندات حزبية أو طائفية. في بعض الأحيان، يصبح الإعلام أداة لتضليل الجمهور عن طريق نشر معلومات مغلوطة أو مبالغ فيها، مما يؤدي إلى تشكيل صورة مشوهة عن الأحداث والوقائع.
الإعلام السلبي يمكن أن يساهم في خلق انقسامات بين الناس، حيث يستغل البعض هذه الوسائل لتأجيج الصراعات السياسية أو الطائفية، وبالتالي يصبح الرأي العام مستهدفا من قبل قوى معينة ترغب في تحقيق مكاسب سياسية.
ومع ظهور الإعلام الجديد عبر منصات التواصل الاجتماعي، زادت التحديات أمام ضمان الموضوعية والحيادية في نقل الأخبار. فبينما تتيح هذه المنصات فرصة للتفاعل المباشر مع الأحداث، إلا أنها أيضًا تشهد انتشارًا واسعًا للشائعات والمعلومات المغلوطة. في هذا السياق، يجب على الإعلاميين والمواطنين أن يتحملوا مسؤولية التأكد من صحة الأخبار قبل نشرها.لا شك أن الإعلام في جميع البلدان، يحمل في طياته فرصا كبيرة لتوعية الشعب وتحفيزه على المشاركة الفاعلة في السياسة؛ لكنه في الوقت ذاته يشكل تحديا كبيرا عندما يتخذ بعض الإعلاميين أو القنوات اتجاهات غير حيادية تضر بالاستقرار الاجتماعي والسياسي. في النهاية، يبقى على الإعلاميين والمواطنين الموازنة بين التأثير الإيجابي والسلبي للإعلام في تشكيل الرأي العام، والعمل على تطوير أدوات الإعلام بما يخدم مصلحة الشعب.