إيرادات متقلّبة

منار العبيدي

على مدى العقد الماضي، شهدت إيرادات الدولة العراقية تقلبات حادة، تأثرت في الغالب بعوامل خارجية، وعلى رأسها أسعار النفط، التي تُعد المصدر الأساسي للدخل الحكومي. في المقابل، لم تتبع النفقات العامة هذا النمط التذبذبي، بل استمرت في النمو المطرد، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 132بالمئة خلال السنوات العشر الأخيرة، مما يعكس زيادة مستمرة في الالتزامات المالية للدولة.

خلال هذه الفترة، تمكن العراق من تحقيق فائض مالي في أعوام 2017، 2018، 2021، و2022، حيث سجل عام 2022 أعلى فائض مالي بقيمة 45 ترليون دينار عراقي، يليه عام 2018 بفائض بلغ 25 ترليون دينار. وعلى النقيض، شهدت البلاد عجزًا ماليًا في أعوام 2015، 2016، 2019، 2020، 2023، و2024، حيث يُتوقع أن يكون عام 2024 الأكثر تأزماً من حيث العجز المالي، مع تقديرات بتجاوزه 16 ترليون دينار ، يليه العجز في عامي 2020 و2016.وبالنظر إلى الإجمالي العام للإيرادات والنفقات، فقد بلغت إيرادات الدولة العراقية خلال العقد الأخير 1028 ترليون دينار عراقي، بينما وصلت النفقات إلى 1007 ترليون دينار، مع سلف غير مصفّاة تتراوح بين 100 إلى 150 ترليون دينار، مما يجعل إجمالي الإنفاق خلال السنوات العشر يصل إلى ما يقارب 1100 ترليون دينار.أما من حيث حجم الإنفاق السنوي، فقد سجل عام 2024 أعلى مستوى إنفاقي في تاريخ العراق بقيمة تقارب 163 ترليون دينار، بينما كانت أدنى مستويات الإنفاق في عام 2020، حيث لم تتجاوز 63 ترليون دينار.تعكس هذه الأرقام بوضوح نمطًا إنفاقيًا تصاعديًا غير متناسب مع التقلبات في الإيرادات، مما يشير إلى غياب سياسات مالية متوازنة تضمن الاستدامة الاقتصادية. استمرار هذا النهج دون إجراءات إصلاحية حقيقية قد يؤدي إلى مزيد من الأزمات المالية في المستقبل، ما يفرض ضرورة إعادة هيكلة الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية لضمان استقرار الاقتصاد العراقي على المدى الطويل.

  عن مجموعة واتساب