الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ذاكرةُ‭ ‬المُدن

بواسطة azzaman

ذاكرةُ‭ ‬المُدن

حسن‭ ‬النواب

 

لا‭ ‬أظن‭ ‬أنَّ‭ ‬هناك‭ ‬مدينة‭ ‬عراقية‭ ‬حافظت‭ ‬على‭ ‬خصوصية‭ ‬الأمكنة‭ ‬التي‭ ‬‏نشأت‭ ‬فيها‭ ‬قبل‭ ‬عشرات‭ ‬السنين،‭ ‬ولا‭ ‬أقل‭ ‬قبل‭ ‬مئات‭ ‬السنين،‭ ‬جُلُّ‭ ‬‏المدن‭ ‬تغيرت‭ ‬ملامحها‭ ‬بعد‭ ‬السبعينيات‭ ‬نتيجة‭ ‬انتعاش‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلاد‭ ‬‏والذي‭ ‬ألقى‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬العمراني‭ ‬لتلك‭ ‬المدن،‭ ‬ولقد‭ ‬أتاحت‭ ‬لي‭ ‬‏الرحلات‭ ‬المدرسية‭ ‬في‭ ‬السبعينيات‭ ‬فرصة‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬محافظات‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬‏جنوب‭ ‬العراق،‭ ‬ومنها‭ ‬مدينة‭ ‬البصرة‭ ‬التي‭ ‬مازلت‭ ‬أتذكر‭ ‬موقعاً‭ ‬حيوياً‭ ‬في‭ ‬قلبها‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬ساحة‭ ‬أم‭ ‬البروم‭ ‬والأسد‭ ‬الرابض‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬حجرية‭ ‬في‭ ‬منتصفها،‭ ‬‏بينما‭ ‬انتشر‭ ‬على‭ ‬عشبها‭ ‬الذابل‭ ‬جمهرة‭ ‬من‭ ‬الكسبة‭ ‬ينشدون‭ ‬الراحة؛‭ ‬ورأيت‭ ‬‏بعضهم‭ ‬يأكلون‭ ‬بصلاً‭ ‬مشويّاً‭ ‬بشهية‭ ‬ومتعة‭ ‬وسعادة‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها‭. ‬هذه‭ ‬‏الساحة‭ ‬الشهيرة‭ ‬تحوَّلت‭ ‬الى‭ ‬مرأب‭ ‬فوضوي‭ ‬لتجمع‭ ‬مركبات‭ ‬الأجرة‭ ‬والتي‭ ‬تنقل‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬‏أحياء‭ ‬المدينة‭ ‬بالوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬وأظن‭ ‬أنَّ‭ ‬نصب‭ ‬الأسد‭ ‬أزيل‭ ‬ليكون‭ ‬‏نصب‭ ‬عامل‭ ‬يحمل‭ ‬مطرقة‭ ‬بدلاً‭ ‬عنه،‭ ‬لكن‭ ‬الحديقة‭ ‬القديمة‭ ‬اندثرت‭ ‬معالمها‭ ‬‏تماماً‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كربلاء‭ ‬حيث‭ ‬موطن‭ ‬أجدادي‭ ‬وملاذ‭ ‬صبابتي‭ ‬ومراهقتي‭ ‬‏وشبابي؛‭ ‬فلقد‭ ‬أحدث‭ ‬التطور‭ ‬العمراني‭ ‬انقلاباً‭ ‬شاملاً‭ ‬على‭ ‬مواقعها‭ ‬القديمة،‭ ‬‏ولعلَّ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬وفدوا‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬المقدسة‭ ‬بعد‭ ‬السبعينيات‭ ‬‏يجهلون‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمكنة‭ ‬التي‭ ‬يرتادونها‭ ‬الآن،‭ ‬فبناية‭ ‬محكمة‭ ‬كربلاء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬‏أنْ‭ ‬يتصوروا‭ ‬إنها‭ ‬كانت‭ ‬إسطبلاً‭ ‬لخيول‭ ‬الشرطة‭ ‬حتى‭ ‬بداية‭ ‬السبعينيات؛‭ ‬وأنَّ‭ ‬‏بناية‭ ‬المحافظة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إلاَّ‭ ‬بساتين‭ ‬نخل‭ ‬وحمضيات،‭ ‬وكان‭ ‬يعمل‭ ‬تحت‭ ‬ظلال‭ ‬‏شجرها‭ ‬أصحاب‭ ‬مهنة‭ ‬برم‭ ‬الخيوط‭ ‬‮«‬البرّامة‭ ‬‮«‬‭ ‬ويمكنُ‭ ‬أنْ‭ ‬تسمع‭ ‬غناءهم‭ ‬‏الحزين‭ ‬خلال‭ ‬عملهم‭ ‬الشاق،‭ ‬والذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬المشي‭ ‬وهم‭ ‬يحملون‭ ‬بيدهم‭ ‬‏‏‮»‬بكرة‭ ‬الغزل‮»‬،‭ ‬أمَّا‭ ‬مركز‭ ‬مدينة‭ ‬كربلاء‭ ‬حيث‭ ‬مجمَّع‭ ‬الكوثر‭ ‬الآن‭ ‬والذي‭ ‬يضم‭ ‬‏حوانيت‭ ‬حديثة‭ ‬لبيع‭ ‬الملابس‭ ‬والعطور‭ ‬والأحذية،‭ ‬من‭ ‬يصدِّق‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬‏في‭ ‬حقيقته‭ ‬لم‭ ‬يكنْ‭ ‬إلاَّ‭ ‬حديقة‭ ‬مدوَّرة‭ ‬يحيطها‭ ‬سور‭ ‬الحديد؛‭ ‬ويشهق‭ ‬وسطها‭ ‬خزان‭ ‬‏ماء‭ ‬عملاق‭ ‬ترتوي‭ ‬منه‭ ‬المدينة‭ ‬بأسرها،‭ ‬وكانت‭ ‬تسمى‭ ‬حديقة‭ ‬الزهراء؛‭ ‬وقد‭ ‬‏أزيلت‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬السبعينيات‭. ‬أمّا‭ ‬باب‭ ‬قبلة‭ ‬الحسين‭ ‬والتي‭ ‬شُيَّدت‭ ‬‏أمامها‭ ‬نافورة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬سفينة‭ ‬النجاة‭ ‬ثم‭ ‬استُغلتْ‭ ‬باقي‭ ‬المساحة‭ ‬كمرافق‭ ‬‏صحية‭ ‬للزائرين،‭ ‬هذه‭ ‬البقعة‭ ‬كانت‭ ‬أرض‭ ‬جرداء‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬منتصفها‭ ‬مصور‭ ‬‏شمسي‭ ‬قرب‭ ‬شجرة‭ ‬سدر‭ ‬ميتة،‭ ‬أذكر‭ ‬أنَّ‭ ‬والدي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬اصطحبنا‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬‏يوم‭ ‬عيد‭ ‬مطلع‭ ‬السبعينيات‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المصور‭ ‬الشمسي‭ ‬ليلتقط‭ ‬لنا‭ ‬صورة‭ ‬للذكرى‭ ‬‏تجمعني‭ ‬بأخي‭ ‬علي‭ ‬وزهير،‭ ‬وإذا‭ ‬انتقلنا‭ ‬إلى‭ ‬شارع‭ ‬العباس‭ ‬فذاكرتي‭ ‬للأمكنة‭ ‬تُدمي‭ ‬القلب‭ ‬‏وتدمع‭ ‬العين،‭ ‬حيث‭ ‬محل‭ ‬الأزياء‭ ‬الملاصق‭ ‬لباب‭ ‬قبلة‭ ‬صحن‭ ‬العباس‭ ‬من‭ ‬‏جهة‭ ‬اليسار،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬اليمين‭ ‬فكانت‭ ‬هناك‭ ‬مكتبة‭ ‬ثم‭ ‬مرافق‭ ‬صحية‭ ‬‏بجوارها‭ ‬محل‭ ‬طرشي‭ ‬الاعتماد‭ ‬للحاج‭ ‬عبد‭ ‬الرضا‭ ‬ثم‭ ‬محل‭ ‬خياطة‭ ‬النصراوي،‭ ‬‏وإذا‭ ‬بدأت‭ ‬التجوال‭ ‬بشارع‭ ‬العباس‭ ‬فعند‭ ‬الزاوية‭ ‬أحذية‭ ‬باتا‭ ‬ثم‭ ‬مطعم‭ ‬السمَّاك‭ ‬‏تليه‭ ‬تسجيلات‭ ‬الفحّام‭ ‬وتقابله‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬الأخرى‭ ‬أحذية‭ ‬الشاكري‭ ‬وصيدلية‭ ‬‏قباني‭ ‬ومحل‭ ‬صغير‭ ‬لبيع‭ ‬عصير‭ ‬الرمان،‭ ‬ولو‭ ‬اتَّسع‭ ‬المجال‭ ‬لذكرت‭ ‬جميع‭ ‬‏الحوانيت‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬العباس،‭ ‬وهناك‭ ‬شوارع‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كربلاء‭ ‬‏اندثرت‭ ‬تماماً،‭ ‬كشارع‭ ‬علي‭ ‬الأكبر‭ ‬وأشهر‭ ‬محلاته‭ ‬مرطبات‭ ‬وحلويات‭ ‬‮«‬‏الشربتي‮»‬،‭ ‬وبفرع‭ ‬جانبي‭ ‬منه‭ ‬بائع‭ ‬‮«‬الباجة‮»‬‭ ‬ومركِّب‭ ‬الأسنان‭ ‬عبد‭ ‬الأمير‭ ‬‏الهندي‭ ‬الذي‭ ‬أتذكر‭ ‬بدنه‭ ‬الضخم‭ ‬جالساً‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬حديدي‭ ‬أمام‭ ‬عيادته‭ ‬‏طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬ومنه‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬الذهب‭ ‬المسقَّف،‭ ‬وأشهر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬‏السوق،‭ ‬قيصرية‭ ‬تضمُّ‭ ‬محلات‭ ‬الخرازية‭ ‬ونقش‭ ‬الذهب‭ ‬وكان‭ ‬الهنديان‭ ‬إقبال‭ ‬‏وبابو‭ ‬من‭ ‬أمهر‭ ‬النقاشين‭ ‬على‭ ‬سبائك‭ ‬الذهب‭. ‬حالما‭ ‬تنتهي‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬‏الذهب‭ ‬يقابلك‭ ‬سوق‭ ‬التجَّار‭ ‬المسقَّف‭ ‬هو‭ ‬الآخر،‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬السوق‭ ‬يجلس‭ ‬‏بائع‭ ‬حلاوة‭ ‬الدهين‭ ‬وخلفه‭ ‬محل‭ ‬بائع‭ ‬المسامير‭ ‬المعروف،‭ ‬أمَّا‭ ‬‏حوانيت‭ ‬السوق‭ ‬فهي‭ ‬مختصة‭ ‬ببيع‭ ‬الأقمشة‭ ‬والتي‭ ‬تحتها‭ ‬سراديب‭ ‬تضم‭ ‬قبور‭ ‬‏لأعيان‭ ‬وسدنة‭ ‬المدينة،‭ ‬وهناك‭ ‬محل‭ ‬لبيع‭ ‬الكرزات‭ ‬يدعى‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬مُعاش‮»‬‭ ‬‏أضف‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قيصرية‭ ‬لخزن‭ ‬الحبوب‭. ‬لقد‭ ‬اندثرت‭ ‬معظم‭ ‬الأسواق‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬كربلاء‭ ‬ولم‭ ‬‏يبق‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬أثر،‭ ‬كما‭ ‬أنَّ‭ ‬ضفة‭ ‬نهر‭ ‬الحسينية‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭ ‬معالمها‭ ‬بعد‭ ‬شموخ‭ ‬‏الفنادق‭ ‬الحديثة‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬هل‭ ‬أنَّ‭ ‬معمل‭ ‬ثلج‭ ‬الهاشمي‭ ‬مازال‭ ‬قائماً‭ ‬أم‭ ‬أصبح‭ ‬‏منتجعاً‭ ‬للمسؤولين‭. ‬أذكر‭ ‬في‭ ‬زيارتي‭ ‬الأخيرة‭ ‬لمدينة‭ ‬كربلاء‭ ‬قبل‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬كنت‭ ‬جالساً‭ ‬في‭ ‬‏محل‭ ‬صغير‭ ‬لصديقي‭ ‬الفنان‭ ‬إياد‭ ‬زيني‭ ‬الذي‭ ‬يمتهن‭ ‬فيه‭ ‬حرفة‭ ‬الخط‭ ‬والرسم،‭ ‬وبينما‭ ‬‏كنت‭ ‬أشرب‭ ‬الشاي‭ ‬حدث‭ ‬حوار‭ ‬بين‭ ‬شخصين‭ ‬لا‭ ‬أعرفهما،‭ ‬كانا‭ ‬يتحدثان‭ ‬‏عن‭ ‬تأريخ‭ ‬المدينة‭ ‬بطريقة‭ ‬مشوَّهة؛‭ ‬وعرفتُ‭ ‬أنهما‭ ‬يجتهدان‭ ‬بمعلومات‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬‏لها‭ ‬من‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فسألتهما‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬بجوارنا‭ ‬إنْ‭ ‬كانا‭ ‬يعرفان‭ ‬ماذا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬‏الماضي؟‭ ‬داهمها‭ ‬الحرج‭ ‬واكتفيا‭ ‬بالصمت،‭ ‬فأخبرتهما‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬كان‭ ‬‏ستوديو‭ ‬كربلاء‭ ‬للتصوير‭. ‬إنَّ‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأمكنة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معرفة‭ ‬أصولها‭ ‬إلاَّ‭ ‬من‭ ‬‏عايشها‭ ‬وأمضى‭ ‬معظم‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬عوالمها،‭ ‬وأني‭ ‬لأعجب‭ ‬من‭ ‬أناس‭ ‬يكتبون‭ ‬‏عن‭ ‬تأريخ‭ ‬مدينة‭ ‬عريقة‭ ‬وأسرار‭ ‬ثقافتها‭ ‬وهم‭ ‬دخلاء‭ ‬عليها‭ ‬ولم‭ ‬يعرفوا‭ ‬أنَّ‭ ‬هناك‭ ‬‏باصاً‭ ‬حكومياً‭ ‬كان‭ ‬يقف‭ ‬أمام‭ ‬التجنيد‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬العباس،‭ ‬يحمل‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬‏حي‭ ‬الإسكان‭ ‬وحي‭ ‬رمضان‭ ‬واللذين‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سواهما‭ ‬من‭ ‬أحياء‭ ‬خارج‭ ‬المدينة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬‏السبعينيات،‭ ‬غير‭ ‬إنَّ‭ ‬الذي‭ ‬يؤلمني‭ ‬هو‭ ‬ذكرى‭ ‬بيت‭ ‬جدي‭ ‬الكائن‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬‏بغداد‭ ‬والذي‭ ‬دعتنا‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬بيعه‭ ‬بألفي‭ ‬دينار‭ ‬مطلع‭ ‬السبعينيات،‭ ‬لتنهض‭ ‬على‭ ‬مساحته‭ ‬الصغيرة‭ ‬بناية‭ ‬فخمة‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن‭ ‬بالوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬‏ليت‭ ‬ذاكرتي‭ ‬تُبلى‭ ‬حتى‭ ‬أتخلَّص‭ ‬من‭ ‬الألم‭.‬‏

 


مشاهدات 51
الكاتب حسن‭ ‬النواب
أضيف 2025/03/17 - 3:36 PM
آخر تحديث 2025/03/17 - 8:40 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 470 الشهر 8814 الكلي 10569763
الوقت الآن
الإثنين 2025/3/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير