فاتح عبد السلام
حسمَ الرئيس الامريكي ترامب أمره، وأطاح التكهنات بشأن نظرية انّ صاحب رأس المال جبّان، وهو ما دحضتُه أيضاً قبل أيام في مقال في هذه الزاوية حمل عنوان
(صاحب رأس المال ليس جبّاناً) في إشارة صريحة الى ان ترامب سوف يشن حرباً، وها هو يباشر أول حرب عسكرية له في قصف مواقع حلفاء إيران، جماعة الحوثيين الذين يحكمون في اليمن، ويهددون بشل الملاحة مجدداً في البحر. ترامب دخل في مزاج الحرب الفعلية، بعد موجات تلويحية وفعلية من الحروب التجارية التي شنّها ضد دول في العالم بينها حلفاء للولايات المتحدة.
تأخرت ايران في التعاطي الإيجابي مع رسالة ترامب الدبلوماسية للعودة الى المفاوضات النووية بحسب شروط أمريكية وغربية طبعا، ورفع المرشد الإيراني الأعلى منسوب السخط والرفض ضد الدعوة الامريكية بالرغم من ان القنوات الدبلوماسية الايرانية كانت تتحرك لإدامة الصلة مع البيت الابيض ، لكن ما هو غير محسوب هو ان ترامب لن يدخل مفاوضات من دون ان تكون يده هي الأعلى فيها، ولا شيء لتحقيق ذلك سوى القوة العسكرية في تقطيع أوصال آخر حلفاء ايران الفاعلين ومن ثم وضع ايران امام جدية الخيار العسكري.
انقاذ ايران لمسار التفاوض المقطوع مع ادارة ترامب لا يمكن أن يمر بنفس محطات الوساطة التقليدية السابقة مثل وساطة سلطنة عُمان أو ربّما روسيا أو دول خليجية كانت قد مررت رسائل عدة، الا في حالة أن تضيف ايران العنصر الجديد النوعي لخط إعادة الصلة والتفاوض، وهو لا يزال أمراً غير متوافر كما تريده واشنطن ، لذلك لا تبدو الجهود ذات نتائج ممكنة وسريعة تلك التي جعلت عباس عراقجي وزير الخارجية يطير بعد ساعات من القصف الأمريكي على اليمن الى مسقط.
النار تقترب من ايران، انها اكثر من رسالة، ولن تتردد إدارة ترامب عن اية عملية عسكرية نوعية أو جراحية أو تحالفية مع إسرائيل ضد ايران.
ولن تكون ايران في معادلة” بقاء النظام من عدمه” في موقف اكثر من الاحتفاظ بحق الرد والعودة الى ادراج التهدئة. انّ ما يقال عن إمكانية الرد الصاعق كما يرد على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني، هو استنساخ للخطاب الذي استهلكته ايران في العقود الماضية، واستخدمته بكثافة ضد إسرائيل في خلال الحربين في جنوب لبنان وقطاع غزة.
لا أظن انّ إيران تملك خياراً ثالثاً بين مصير نظام ولاية الفقيه واكتمال تغيير خارطة الشرق الاوسط أو الاستسلام لشروط التفاوض الامريكية.