فاتح عبد السلام
بعد الخراب الذي أحدثه نظام الأسد الاب والابن، والصلاحيات الممنوحة خارج الدستور لأذرعه ذات اللون الانتمائي الواحد طوال خمسة عقود، تبدو فترة خمسة أعوام كفترة انتقالية حددها الاعلان الدستوري الاخير موجزة وبالكاد تكفي لإنجاز الأساسيات
التي تحتاجها عملية إعادة الاعمار وبناء نظام دستوري جديد لسوريا بمعنى الكلمة من وسط هذا الركام.
العراق، حين أقام الامريكان نظامه الجديد في 2003 بقي تحت احتلالهم العسكري ما يقرب من ثماني سنوات، وقد كانت فترة انتقالية تتضمن مقاطع مختلفة من العمليات الانتقالية الجزئية تحت سقف امريكي كبير منها اعلان مجلس الحكم ومن ثمّ إقرار دستور دائم للعراق و الشروع بأكثر من انتخابات والمجيء بثلاث حكومات في الأقل ، وكلها تحت السقف الانتقالي الذي أراني لا ابالغ اذا وصفته بالسقف المستمر حتى اليوم مادام الحاكم الأساس للبلاد العملية السياسية التوافقية وما يتصل بها من محاصصة في تغليب واضح في مناسبات عدة على مكانة الدستور.
الحال في سوريا بحاجة الى تروٍ عميق في كل شيء وعدم الانسياق وراء ما يسمى بالحلول السريعة التي يتربص بها دعاة الطائفية وادواتها القديمة، فالبلاد بالكاد تعيش أول مائة يوم من حياتها البشرية الجديدة، وتواجه في عدد كبير من البلدات والاحياء السكنية لدمشق ذاتها وريفها وغوطتها واقعا مدمراً لم يمر من قبل على بقعة في الأرض، ولا قطاع غزة المأساوي ذاته، ذلك انّ الصواريخ الذكية دمرت القطاع، ورأينا نسبة الخراب العظيمة، فكيف الحال وقد ابادت البراميل المتفجرة، وهي كتل نار وحديد غبية لجيش الأسد، مساحات بشرية، ولا أقول مساحات جغرافية، لعمق الدمار الماحق الذي ألحقته بسوريا لجيلين في الأقل، وهناك أسر سورية جرى حذفها من السجل المدني لأنها أبيدت فرداً فرداً.
انّ الفترة الانتقالية في بلد مثل سورية هي استثنائية بكل المعايير ولا تقاس على حالات في بلدان اخرى شهدت تغييرات سياسية عادية او شبه عادية ، فيما سوريا بلد حتى هذه اللحظة مستهدف من عصابات إجرامية اكثر فتكا من تنظيم داعش كونها كانت متسلطة وبيدها الحكم ولديها أموال وسلاح ومعرفة بملفات البلد، كما انّ الاستهداف الخارجي ضد سوريا الجديدة يعمل ليل نهار من دول إقليمية لإفشال التجربة الفتية، التي اعلن أصحابها انهم عبّدوا الطريق الى تحرير دمشق بالدماء ولن يتنازلوا عن تلك التضحيات امام معوقات وطعنات في الجبل او الساحل مهما كانت دموية.