مجسر المصافي..حكاية الأمل والعمل
ثامر مراد
في قلب بغداد، وتحديدًا في الدورة، حيث التقاء الطرقات وتزاحم السيارات، ارتفع مجسر المصافي كحلم تحوّل إلى واقع ينبض بالحياة. لم يكن مجرد بناء يقطع السماء أو يشق الأرض، بل كان شاهداً على إرادة الشعب العراقي، ورمزاً لعزيمة لم تنكسر أمام صعاب السنين. هذا المشروع لم يولد بين ليلة وضحاها، بل كان ثمرة تخطيط دقيق وأيدٍ كادحة بذلت جهدًا لا يوصف. من فكرة بدأت في ذهن شخص يؤمن بأن التغيير ممكن، إلى تخطيط هندسي محكم، ثم إلى واقع يلمسه الجميع. لم يكن الهدف مجرد فك الاختناقات المرورية، بل كان الهدف أعمق: أن يصبح هذا المجسر رمزًا للتقدم، وطريقًا نحو حياة أكثر انسيابية وسعادة للناس. كل من ساهم في هذا المشروع كان بطلًا.
من أصغر عامل حمل الحجر بحب وأمانة، إلى أكبر مسؤول دعم وسهّل وسهر الليالي لإنجاز هذا الصرح. كل يد عملت هنا كانت تحمل حلمًا للعراق، وكل عرق سقط على أرض المشروع كان يغرس بذور الأمل في قلوبنا. هذا المجسر ليس مجرد بناء، بل قصة نجاح تُروى للأجيال القادمة. تخيل الطرقات التي كانت مكتظة بالسيارات، والأصوات التي كانت تعلو بالشكوى والتعب. الآن، أصبحت هذه الأصوات ألحانًا من الرضا، وأصبحت السيارات تسير بانسيابية وكأنها تشكر من خطّط ومن عمل ومن نفّذ. ولا يمكن أن ننسى الشاب المصور، الذي التقط بعدسته تفاصيل هذا الإنجاز. صوره لم تكن مجرد لقطات جامدة، بل كانت لوحات فنية تنبض بالحياة، تُبرز كل زاوية وكل تفاصيل الجمال. بعدسته، نقل إلينا الجسر كأنه حكاية مليئة بالإصرار والجمال. نحن مدينون له بالشكر، لأنه جعلنا نرى هذا الإنجاز من منظور مختلف، منظور يجعلنا نفخر أكثر بما تحقق. أنا ثامر مراد، ابن الدورة، ممتن من أعماق قلبي. أشكر كل من ساهم، من أصغر عامل إلى أكبر مسؤول. أشكر كل فكرة حملت هذا المشروع إلى النور، وكل يد امتدت لتبني وتخطط وتنفذ. أشكر كل من أعطى من وقته وجهده ليصبح مجسر المصافي حقيقة تنبض بالحياة. اليوم، وأنا أقف أمام هذا الصرح، أرى بغداد بأعين مختلفة. أرى مدينة تستعيد مجدها شيئًا فشيئًا، وأرى شعبًا يعمل رغم كل الظروف. هذا الجسر ليس مجرد حل لمشكلة مرورية، بل هو جسر يربطنا بالمستقبل، جسر يُعيد إلينا الأمل في أن العمل الجاد يثمر، وأن العراق يستحق منا كل هذا الجهد وأكثر. تحية من القلب لكل من فكر وخطط وعمل. تحية لكل من آمن بأن التغيير ممكن. تحية لمن نقل لنا الجمال بعدسة فنان شاب مبدع. وتحية لكل عراقي يرى في هذا المشروع خطوة نحو مستقبل أفضل. هذا المجسر هو البداية. بداية لنهضة نتمنى أن تعم العراق بأكمله، وبداية لحكايات نجاح أخرى ننتظر أن تُكتب، بنفس العزيمة ونفس الإصرار.