كتابة المذكرات
حسين الصدر
-1-
يعمد الكثير مِنْ الشخصيات الى كتابة مذكراتهم، وقلّ منهم من يجنح الى اعتماد الحقيقة بعيداً عن الرتوش .
-2-
إنّ الموضوعية تقتضي أنْ لا يكون الحُبّ والبغضُ وراءَ ما تكتب، فَتُلمع صور المحبوب لديك ، وتشوه صورة البغيض المكروه عندك .
-3 –
ويسألني الكثير من الاحبة ان أكتب مذكراتي باعتباري أحد الذين خاضوا غمار ملاحم النضال ضد النظام الدكتاتوري البائد ،
وممن اعتقل وعذب وصودرت داره ومكتبتُه الخاصة بكل ما فيها مِنْ مخطوطات ومطبوعات ووثائق .
-4-
وانا اعتذر من كتابة المذكرات لاسبابٍ منها :
ان هناك رجالاً سياسيين يكثرون من التقلب والتغيير لمواقفهم وطروحاتهم فاذا ما ذكرتَ ذلك عنهم أصبحتَ عندهم عدوا ..!!
فلماذا تُحرج نفسك وتضعها في مأزق، لان كتابة المذكرات ومحاباة هؤلاء المتذبذبين ليست شيئا محموداً ، ولن يرتضيه صاحب الضمير الحي.
ومنها ان المذكرات الخالية من الوثائق لا ينظر اليها بعين التقدير والوثائق صودرت منا
ولنذكر لك بعض الأمثلة
يوم قررنا إقامة مجلس التأبين لشهيد الإسلام نابغة الفقهاء وعظيم المراجع الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر في صحن السيدة زينب (ع) بدمشق في نيسان / 1980 قال لي احدهم :
هل السيد الشهيد بحاجة الى أنْ نقرأ له الفاتحة ؟
وكان يريد أنْ يصدني عن اقامة مجلس التأبين، لانه لم يكن يريد أنْ يحضر ولم يكن حتى ذلك التاريخ قد حسم امره في البقاء خارج العراق او الرجوع الى العراق .
ثم مرت الأيام واذا به يطرح نفسه شيخا للمجاهدين ..!!
وهناك من اختار صيغة تقديم العزاء لنا ونحن في المنزل ولم يحضر مجلس التابين العام حفاظا على مصالحه التي يخشى انْ يحرم منها اذا اختار النظام العفلقي عقوبته .
وتبلغ النرجسية الى الحد الذي يعتبرك عدواً اذا أحس بأنّ هناك من يعقد العزم على ترشيحك لمنصب أراده لنفسه .
وهو يعلم انك لم تَسْعَ لحرمانه منه ،
ولكنه لشدة حرصه على المنصب يعتبرك عدواً له ما دمتَ لم تطلب ممن يرون فيك الأجدر لذلك المنصب العدول عن رؤيتهم ..!!
وهكذا تتضح أبعاد الصورة في أسرار الامتناع عن كتابة المذكرات الخاصة .