السن بإجرة يوم عمل
فيان القبطان
يتكدس عمال البناء في المسطر، من الخامسة فجراً، الى العاشرة ضحى، عائدين الى العوائل قلقين؛
فإذا جاءهم طوق نجاة ينتشلهم من الغرق في بحر العوز.. هذا اليوم على الأقل؛ يسارعون في الإستجابة لطلبة كليات طب الأسنان، بقلع أضراسهم نظير خمسة وعشرين ألفاً، هي إجرتهم عن يوم عمل؛ لو رزقوا بمن يستأجرهم، وغالباً لا... حصار التسعينيات الذي أوجر بدم الجائعين والمرضى والمعوزين، باعوا سلعاً ضرورية، كي يأكلوا، ثم سلَّعوا أجسادهم ببيع كلية والإكتفاء بكلية واحدة، و... في هذه الأثناء تسلعت الأخلاق تلقائياً؛ وصار كل شيء في العراق رخيصاً حتى الذاكرة الشخصية.
ولأن الإحتلال في 9 نيسان 2003 فاق جوع الحصار على الشعب، ووفر فرص فساد فائقة للسياسيين والميليشيات والأحزاب والدهاة؛ أصبح العراقي مداهم بصحته، يلاحقونه حتى على أسنانه كي يتدرب بها الطلبة، كما لو أن العراقيين فئران مختبرات.الفقير الذي يحمي عيش عائلته ببيع أضراسه وكليته، في بلد فاحش الثراء ثرثار الثروات، ألا يوقظ ضمير الباحثين عن الجنة في المعابد؟
وكان الأجدر البحث عنها بين الجياع المرتصفين الشوارع.