الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الكهرباء ..الداء العراقي العضال

بواسطة azzaman

الكهرباء ..الداء العراقي العضال

عباس الصباغ

 

في مقال سابق لي تم نشره في بعض وسائل الاعلام (منها حكومية) حمل عنوان (هل سيكون صيفنا باردا) وهو كلام كان موجها الى مايسمى بوزارة الكهرباء العراقية  مجازا  بناء على الوعود التي تطلقها هذه الوزارة  بين الحين والاخر وبما يخص “الجهوزية” العالية التي تتمتع بها حين ـ  فلم نشهد صيفا باردا لحين كتابة هذه الاسطر ـ  وذلك حين يعتدل المناخ وحين يسوء تبدأ معاناة  العراقيين سواء في البرد القارس او الصيف القائظ ،   فوزارة الكهرباء “الوطنية” بموجب تلك المعطيات  تتمتع بمصداقية اشبه بمواعيد عرقوب الذي يشير اليها الشاعر كعب بن  زهير في قصيدته العصماء بانت سعاد التي القاها في حضرة الرسول (ص) عندما جاء اليه معتذرا :

كانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً  وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ

ونقتبس منه  هذا التناص رغم ان  الشاعر لم يعانِ من لوعة الكهرباء بأشكالها الوطنية منها او المولدات الاهلية ولو انه عانى من كل ذلك مثل المواطن العراقي البسيط والمغلوب على امره لكان قد غيّر رايه وضرب لنا امثلة  اكثر واقعية  تشي بالواقع المزري   بالرغم ما صرف من ميزانيات هائلة وارقام فلكية تقدر بالمليارات كلها اهدرت وتبخرت وظل هذا المرض يتفاقم دون جدوى او حل حقيقي لم تكن المدة قليلة واحدى وعشرون عاما فترة زمنية كانت متاحة لوزارة الكهرباء وعلى مدار تعاقب وزرائها الخمسة وكم من مرة طالبنا بتدويل ملف الكهرباء ليكون شأنا دوليا بعد  تعذّر الشان المحلي عن الحل بسبب الفساد المستشري  في اروقة هذه الوزارة وجميع مفاصلها .

عند تردي الطقس  تتحجج الوزارة بالطقس و كثرة الاستهلاك وتذبذب الغاز الايراني الذي تتعامل حكومته ضمن مبدأ الامن القومي وليس حسب العواطف ، ولن تتحقق هذه الامنية الا اذا تجاوزت الوزارة منظومة التحديات الكثيرة والثقيلة التي تواجهها ، فمنها مايتعلق بالأمور الفنية والهندسية ومنها مايخص الامور الامنية ومنها ما يتعلق بالأمور السياسية ومايرتبط بالتجاذبات والمناكفات التي يفتعلها الساسة وهي كثيرة في المشهد العراقي والتي تؤثر بشكل مباشر على اداء الوزارة ، ومنها مايتعلق بالأمور المالية واللوجستية واسترجاع ثقة المواطن بهذه الوزارة وغيرها . امنيا يجب ان تتخذ السلطات الامنية المختصة اجراءات استباقية ومهنية للحد من استهداف الخطوط والابراج الناقلة للكهرباء الوطنية والمستهدفة من قبل الارهاب وبخروق امنية تطيح بتلك المنظومة وتعرّض التجهيز الى شلل شبه تام ، وتحد اخر يتمثل بالإنتاج والتوزيع لخطوط الكهرباء الوطنية وتوفير قطع الغيار والمحولات اللازمة للتوزيع ، فضلا عن معالجة التجاوزات والخروقات المستمرة على شبكات التوزيع والتي تسبِّب هدرا كبيرا للطاقة وبعض  الناس لايمتلكون مقاييس للطلقة  لاسيما في دور التجاوز والعشوائيات ، والبعض يعدّ عدم دفعه الاجور احتجاجا على تردي التجهيز خاصة في ايام القيظ ويقولون (اين هي الكهرباء؟ كي ندفع الاجور) وتوعية المواطنين بضرورة ترشيد استهلاكهم للكهرباء كي يستفيد الجميع منها فهذا واجب اخلاقي وشرعي . ويبقى التحدي الاكبر الذي يتمثل بالأمور المالية لأنه في كل سنة توجّه وزارة الكهرباء بضرورة تزويدها بالأموال المطلوبة رغم ضعف الاداء وشحة التوزيع وهو موضوع يدخل في الجدل المحتدم حول الموازنة رغم تبخر الكثير من الترليونات المخصصة لذلك كل عام وقد اعتدنا ان نخرج كعراقيين من تلك الوعود التي تطلقها وزارة الكهرباء «الوطنية»  بخفي حنين لان المواطن وحده تحمّل مغبة النقص والتقصير والفساد، كما تحمّل الاضرار البيئية والمناخية والاقتصادية الباهظة لوحده، وتحمّل الوضع غير النظامي والمزري لهذه المولدات التي تتوزع بشكل عشوائي بين الازقة والشوارع والساحات وتتدلى منها الاسلاك العشوائية ، في وقت يستعد العالم بالتوجه نحو الاقتصاد الاخضر والطاقة النظيفة لتخليص البيئة من الملوثات والابخرة السامة التي ترافق الوقود الاحفوري ومازال المواطن العراقي يرنو الى الغاز الايراني او التركمانستاني في احسن الاحوال كي تستمر الوزارة في اطلاقها لوعود عرقوب مع الاعتذار للشاعر كعب بن زهير  ويبقى مشاريع حرق الغاز المصاحب وخطوط الربط مع دول الجوار اضغاث احلام ولم تضع الوزارة خطتها في حين تم انقطاع الغاز الايراني تماما  .

 


مشاهدات 46
الكاتب عباس الصباغ
أضيف 2025/02/01 - 12:16 AM
آخر تحديث 2025/02/01 - 7:16 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 159 الشهر 159 الكلي 10295530
الوقت الآن
السبت 2025/2/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير