عن سرقة أموال الآخرين
حمزة صالح عبداللـه
سرقة أموال الناس بعلمهم هي إحدى الظواهر التي قد تحدث في المجتمع نتيجة لوجود ثغرات في المعرفة أو الثقة أو الظروف التي تجعل الشخص يسمح بسرقة أمواله دون أن يدرك أو يكون على علم بذلك، ولكن لا يتصرف بشكل صحيح. وهذه الظاهرة تعتمد على استخدام أساليب خادعة للتأثير على الضحية، وقد تتنوع أشكالها وأدواتها.
وغالبًا ما تنقسم السرقات إلى أنواع متعددة، منها الاحتيال المالي عبر العقود الزائفة، التي يتورط بعض الأشخاص في توقيع عقود قانونية مع شركات أو أفراد دون قراءة التفاصيل الدقيقة أو فهمها جيدًا. وربما تحتوي هذه العقود على بنود تخدم مصلحة الطرف الآخر وتؤدي إلى فقدان الشخص لأمواله بشكل قانوني ولكنه غير عادل. ويحدث هذا غالبًا في صفقات القروض أو التأمينات أو الاستثمارات. بالجانب الآخر هناك الاستثمارات الوهمية التي ينجذب البعض إلى عروض استثمارية تبدو مربحة وسريعة النتائج، مثل المخططات الهرمية أو العروض الاستثمارية الوهمية التي تَعِد بتحقيق أرباح ضخمة في وقت قصير. فالأشخاص، مع علمهم بالمخاطر، قد يضعون أموالهم في هذه المخططات على أمل تحقيق الربح السريع، لكن في النهاية يخسرون كلما استثمروا.
كذلك من أنواع السرقات، الاعتماد المفرط على الثقة؛ لأن الثقة الزائدة في الآخرين قد تؤدي إلى خسارة الأموال. على سبيل المثال، قد يسلم الشخص أمواله لصديق أو قريب لإدارتها أو لاستثمارها، دون التحقق الكافي من مدى كفاءة أو أمانة هذا الشخص. و في بعض الأحيان، يعلم الشخص بالمخاطر ولكنه يعتمد على علاقات الثقة، فضلا عن ذلك يوجد الابتزاز العاطفي أو الاجتماعي، إذ قد يكون الشخص على علم بأنه يُستغل ماليًا، لكنه لا يستطيع أو لا يريد أن يتصرف حيال الأمر بسبب الضغوط العاطفية أو الاجتماعية. على سبيل المثال، قد يُطلب من الشخص دعم قريب ماليًا بشكل متكرر حتى لو كان يعلم أن هذه المساعدة تُستغل بشكل غير صحيح.
وتعود أسباب السماح بسرقة الأموال بعلم الأشخاص إلى عدة أمور، منها: الجهل المالي، فالكثير من الناس لا يمتلكون المعرفة الكافية لإدارة الأموال أو قراءة العقود المالية، مما يجعلهم عرضة للاستغلال. كذلك الطمع، فبعض الأفراد يعرفون أن العروض التي تُقدم لهم مشبوهة، لكن الطمع في تحقيق أرباح كبيرة يجعلهم يتجاهلون هذه المخاطر. وأيضًا نعود للثقة المفرطة؛ فالثقة العمياء بالآخرين، خاصة في الأصدقاء أو الأقارب، قد تؤدي إلى قرارات مالية سيئة. بالاضافة إلى الخوف من المواجهة؛ لأن في بعض الحالات، يكون الأشخاص يعرفون أنهم يُسرقون، لكن تخوفهم من المواجهة أو الشعور بالعار يمنعهم من اتخاذ إجراءات لحماية أنفسهم.
في هذا المقال، نقدم حلولًا عن كيفية الوقاية من هذه الظاهرة، وذلك من خلال التثقيف المالي، إذ يجب على الأفراد معرفة الأساسيات في إدارة الأموال وقراءة العقود قبل التوقيع عليها، والعمل على التدقيق في الفرص الاستثمارية؛ لأن من الضروري البحث عن الاستثمارات من مصادر موثوقة والتحقق من مصداقية الشركات أو الأفراد قبل استثمار الأموال. مع التأكيد على عدم الاعتماد الكلي على الآخرين، وحتى في العلاقات الوثيقة، يجب أن يكون الشخص حذرًا فيما يتعلق بإدارة أمواله. كذلك من المهم المواجهة المبكرة، لأننا إذا شعرنا بوجود استغلال مالي، يجب أن لا نتردد في التحدث عن الأمر واتخاذ الإجراءات اللازمة قبل أن تتفاقم المشكلة.
في نهاية القول، إن سرقة أموال الناس بعلمهم تعد من الظواهر المعقدة التي ترتبط بالثقة، الطمع، الجهل، والخوف. والحل يكمن في زيادة الوعي المالي والقدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة ومدروسة لحماية الأموال من الاستغلال.