عاد طائر العنقاء.. التأييد والإنضباط والحضور

جاسم مراد

لم ننقل عن مقاوم فلسطيني ، ولا عن مسؤول ، وإنما عن الاسيرات المجندات الاسرائيليات ، اللواتي تم اطلاق سراحهن ضمن صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل ، فهؤلاء المجندات تحدثن بأن المقاتلين الفلسطينيين كانوا يحموننا من قصف الجيش الإسرائيلي ، وكانوا حريصين على حياتهن ، هذا فضلاً عن ظهورهن من حيث الشكل والصحة والملابس بأجمل وافضل ما كن ، خاصة وانهن كانا لمدة ( 472) يوماً تحت الانفاق ويتنقلن من نفق الى أخر لضرورات حمايتهن ، وعبر الكشوفات الصحية الإسرائيلية بأن المجندات الأربعة يتمتعن بصحة جيدة ، فيما قال أهلهن انهن بأفضل حال .

هتك الانسانية

بالمقابل الاسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الصهيوني ، تعذيب وتجويع وهتك للإنسانية وإلغاء للأدمية البشرية وكي العقول لكي ينسوا أسماء أبنائهم وبيوتهم وحاراتهم . فهذان الموقفان المتناقضان تبينان كم هي عريقة بأخلاقها وارثها وتاريخها ومبادئها وعقيدتها وانسانيتها المقاومة الفلسطينية ، بالمقابل كم هو همجي وبربري ولا أخلاقي ولا انساني الكيان الإسرائيلي ، وليس غريباً على هذا الكيان ان يكون وزير الامن العنصري بن غفير الذي يدعو جنوده للدخول الى السجون وقتل الاسرى الفلسطينيين ، فيما يمارس هؤلاء الرعاع اغتصاب السجناء على وقع كهكهات الضباط الصهاينة ، فيما يُبلغ المقاتلون الفلسطينيون اسراهم من الشابات والمجندات الاسرائيليات ، انتم بحماتنا ونحن مسلمون وثوار فلسطينيون نحافظ عليكن مثلما نحافظ على عوائلنا ، وعندما تبدأ المباشرة بصفقة التبادل سترحلن لأهلكن بسلام واحسن حال رغم ظروف المعركة القادسية التي تجبرنا الانتقال من مكان لأخر ، فهل يسجل الغرب وامريكا تحديدا تلك المفارقات بين الموقف والممارسات الإسرائيلية وبين مواقف وممارسات المقاتل العربي الفلسطيني .

وفوق هذا وذاك حيث تشير الاحصائيات بأن كل مواطن فلسطيني غزاوي والبالغ عددهم مليونين وربع انسان على مساحة ( 320) كيلو متراً وهو اعلى كثافة سكانية في مساحة محدودة من الأرض حسب الاحصائيات العالمية ، نقول كل مواطن من هؤلاء تحمل ما يقارب ( 30) كيلو من القابل والأسلحة المختلفة التي القتها إسرائيل على سكان غزة على مدى (15) شهراً .

والنظر لهذه الجموع الالفية بل المليونية من السكان الغزاويين العائدين الى بيوتهم المهدمة ، وليس هناك حاجة لإضافة ما قالة العنصري الصهيوني وزير الامن في حكومة نتن ياهو حيث قال ( إن النظر لهذه الجموع العائدة تكشف نجاح حماس وخسارتنا للحرب ) هي لوحة بشرية قل نظيرها في هذه الكونية بعد كل هذا الدمار والجوع وتلك التضحيات العظمى يقطع أبناء غزة من ( 10الى 20) كيلو متراً مشياً على الاقدام للوصول الى بقايا بيتهم والبحث عن جثث أطفالهم وشيوخهم ونسائهم المدفونة تحت الأنقاض .

 الدولة مقابل الدولة

الان بعد كل هذه المصائب التي اصابت أبناء غــــزة البواسل الشجعان ، يجري الحديث علنا وفي السر عن ترحيل الفلسطينيين خارج وطنهم وما قاله وزير خارجية الأردن الصفدي ( بأن التفكير بتهجير الفلسطينيين عن ارضهم هو بمثابة خطراً حقيقياً يهدد المنطقة برمتها ) ومن يفكر من أمثال مترس وبن غفير بتهجير الفلسطينيين والغزاويين تحديداً فهو لا يعرف مدى تشبث هذا الشعب بأرضة وغزة خير مثال على ذلك .

ان الدول المعنية بمعالجة الازمات وفي المقدمة الولايات المتحدة الامريكية عليها أن تفهم وتعي جيدا ليس في هذا العصر أن يهجر شعب اصيل من ارضه لكي يعيش فيها جماعات من دول متعددة في تلك الأرض ، ليس هناك خلاف لدى الفلسطينيين أن يعيش الجميع يهود فلسطين وشعب فلسطين على ارض فلسطين لكل منهما حقوقاً متساوية في الدولة مقابل الدولة .

فالتفكير بعملية التهجير مهما مارس العنجهية والتخويف والابتزاز فعليه أولاً النظر لهذه الجموع الهادرة الصامدة العائدة لبيوتها وأماكن سكناها ، وهذا يؤكد كم هم متمسكون الفلسطينيون بارضهم ، وبالمقابل النظر للاسرائيليين في شمال فلسطين الذين هاجر مستوطناتهم عائدين لبلدانهم الاصلية حيث بلغ العدد اكثر من مليون مستوطن ، وهذا يؤكد بأن أصحاب الأرض هم الثابتون رغم القتل الجماعي وغيرهم هم الراحلون فلا تفكر بالحلول التدميرية ، فأبناء فلسطين مثل العنقاء يخرجون من الرماد اكثر قوة وعزماً.