الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
غارة طوفان الأقصى.. عام مضى وحرب للتحرير مستمرة

بواسطة azzaman

غارة طوفان الأقصى.. عام مضى وحرب للتحرير مستمرة

 

قتيبة آل غصيبة

 

مضى عام على غارة طوفان الأقصى التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة على المستعمرات الاستيطانية الصهيونية المحاذية لقطاع غزة، إذ تمثل هذه المستعمرات جزأً كبيراً من الحزام  الخانق لهذا القطاع المحاصر منذ 16 سنة؛ إذ إنها تعتبر منطقة عازلة بين هذا القطاع والضفة الغربية لتقف عائقا بوجه الشعب الفلسطيني لنيل حقهم المشروع بإقامة دولتهم على أراضيهم المغتصبة التي يناضلون من أجلها زهاء قرن من الزمان؛ فالشعب الفلسطيني طوال تلك السنين العجاف يعاني من القهر والاحتلال والقتل المستمر؛ وخاصة قطاع غزة الذي يعتبر الأكثر تضررا؛ إذ يُعاني القطاع منذ  عام  2007  من حصارٍ صهيوني خانق من كل الجوانب تقريبا بما في ذلك الجانب المصري؛ علاوةً على ذلك فإنّ غزة مغلقةٌ عن بقية العالم؛ بل إنّ الوصول إلى الموارد الحيويّة والضرورية بما في ذلك الغذاء والماء والكهرباء يخضعُ لسيطرة صهيونية تامّة وهو ما يزيدُ من صعوبة حياة أهلها الصابرين لسبعة عشر عاما مضت؛ وجدير بالذكر؛ فإن الوضع  قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023،  في القدس والضفة الغربية لم يكن حالهما افضل من الوضع في غزة

 فالمسجد الأقصى، يعاني كثيرا مع تعاظم انتهاكات ممن يسمّون «بحرّاس الهيكل وأمثالهم»  وفي إطار اشتداد التأييد لهم من جانب «اليمين المتطرف» وعلى رأسهم الوغد النتن ياهو والوزيرين المتنفذين  في حكومته «سموتريتش وبن غفير» واتباعهم؛

شعائر تلمودية

فقد وصلت التهديدات إلى التلويح ببناء كنيس في باحته؛ واقتسام الصلاة فيه؛ وممارسة ما طاب لهم من شعائر تلمودية ؛ علما أن ذلك كله يعتبر مخالفة صارخة لانتهاك الوضع الثابت المقرر بالقانون الدولي منذ عام 1854؛ وطوال عهود الاستعمار البريطاني؛ وإلى عام 2000؛ عندما بدأت الانتهاكات والتي لاتزال مستمرة؛ وكذلك الوضع في الضفة الغربية كان على شفا اكتساح شامل من قِبَل الجيش الصهيوني؛ ضد مخيمات «جنين ونابلس وطولكرم ونور شمس وصولًا إلى عقبة جبر» ؛ فكان لابد للقيد ان ينكسر؛ حيث نُفِذت عملية طوفان الأقصى ؛ فكانت من حيث التوقيت في لحظتها الحاسمة؛ بعد طول إعداد وتحضير لها كجزء من إستراتيجية وتكتيك المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني؛ فخلال هذه الغارة المباركة والتي تكبد الصهاينة فيها خلال ساعات وفقا لبياناتهم أكثر من 1100 قتيل وأكثر من 4000 جريح و 222 أسير ؛ ونزوح أكثر من 100000  صهيوني من مستعمراتهم المحاذية لقطاع غزة وشمال فلسطين إلى داخل مدن الكيان الصهيوني الأخرى وخارج الكيان الصهيوني ؛ ورغم كل التهكم والانتقادات التي تعرضت له المقاومة الفلسطينية جراء تنفيذ هذه الغارة المظفرة؛ من قبل مناصري الصهاينة والمرجفين والمطبعين؛ فإنه من منظور القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة؛ وكذلك الشرائع السماوية ؛ تُعتبر المقاومة المسلحة ضد المحتل حقًا مشروعا إذا كانت تستند إلى الدفاع عن النفس وتحرير الأرض وتحقيق تقرير المصير؛ والتأكيد على مشروعية حق الشعوب في ممارسة كل أشكال النضال وعلى رأسها المقاومة المسلحة وذلك حين تتعرّض للغزو والاحتلال؛ كما «جاء في اتفاقيات جنيف 1949 ؛ والاعلان العالمي لحقوق الإنسان ؛ وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514 الصادر في عام 1960 ؛ والبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف في 1977» ؛ فكيف إذا كان الاحتلال لفلسطين استعماريا؛ استيطانيا؛ اقتلاعيا؛ إحلاليا؛ وبأيديولوجية عنصرية تعتبر الشعب الفلسطيني من جنس الحيوانات؛ كما أعلن بعض أعضاء الحكومة  الصهيونية إثر عملية طوفان الأقصى.

 بعد يومين من هذه الغارة المجيدة؛ قام العدو الصهيوني بشن غارات وحشية  على قطاع غزة؛ أستهدف فيها كل شيء ولم يسلم من القتل الأطفال والشيوخ والنساء المدنيين الكوادر الطبية والبنى التحتية بما فيها محطات المياه والكهرباء والمستشفيات؛ أعقبها يوم 27 أكتوبر 2023 إجتياحاً بريا أطلق عليها «عملية السيوف الحديدية والتي  أطلق عليها مؤخرا اسم حرب القيامة « ؛ استهدفت وفقا لما أعلنه ؛ (الوغد) النتن ياهو؛ الإطاحة بحكم حماس في غزة ؛ والفصائل المسلحة فيها؛ واستعادة جميع الاسرى الذين وقعوا في قبضة فصائل المقاومة ؛ وإحباط أي تهديد مستقبلي من غزة ؛ وإعادة سكان المستعمرات الاستيطانية في الجنوب والشمال  إلى اماكنهم ؛ (صفة الوغد هذه أطلقها الرئيس الأمريكي بايدن على النتن ياهو  وفقا لشبكة «سي إن إن» الأميركية عن كتاب للصحفي بوب وودوارد الذي سيصدر الأسبوع المقبل؛ أنه وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ»الوغد والرجل السيئ»، خلال جلسة خاصة مع أحد مساعديه، في ربيع العام الجاري) ؛ فقد قام الجيش الصهيوني خلال هذه الحرب الوحشية والتي لم يتحقق أي من أهدافها بعد عام  على شنها في بتنفيذ أبشع جرائم الحرب  والابادة الجماعية؛ مستهدفا بصورة جنونية المدنيين من الأطفال والنساء والمساكن والبنى التحتية؛ مما دفع المحاكم الدولية الى توجيه التهم الى رئيس وزراء الكيان الصهيوني النتن ياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بأنهما «مجرمي حرب»؛ وحقيقة فإن هذه الحرب جاءت  ضمن سلسلة الحروب والعمليات العسكرية الصهيونية التي شُنّت على الفلسطينيين قبل تأسيس الكيان الصهيوني وما بعده؛ إذ ليس ثمة فصل بين حرب 1948 وما قبلها من حروب ومجازر وما تلاها؛ فهو مسار واحد متسق يُعَبر عن طبيعة المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة مبيناً أدوات الفعل الصهيوني الذي يتخذ من الحروب وسيلة لتنفيذه على الأرض ويكون واقعاً ملموساً؛ فقد أظهرت الخرائط التي عرضها الوغد النتن ياهو في كلمته أمام ممثلي دول العالم في الأمم المتحدة عن الاهداف الحقيقية للكيان الصهيوني من خلال تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي سيكون لهذا الكيان الغاصب قصب السبق في السيطرة على الشرق الأوسط ؛ لاغياَ في تلك الخرائط أي وجود للدولة الفلسطينية على حدودها المتفق عليها دوليا في اتفاقية أوسلو عام 1993 ؛ وبالرغم من كل التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية؛ جراء هذا العدوان الوحشي والتي بلغت وفقا للإحصائيات الفلسطينية الرسمية بحدود أثنان واربعون الف شهيدا معظمهم  من الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين؛ وبحدود مئة الف جريح  ؛ والاف من المفقودين؛ وتدمير كل البنى التحتية والمباني السكنية في قطاع غزة إضافة للدعم السياسي والعسكري والاقتصادي الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين وبعض الحكام العرب للكيان الصهيوني ؛ إلا أن فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية لاتزال صامدة وتقاتل ببسالة منقطعة النظير جيش الكيان الصهيوني المدجج بأحدث الأسلحة والطائرات ووسائل الحرب الإلكترونية والسيبرانية والذكاء الصناعي وتوقع فيه الخسائر المتلاحقة؛ فقد بلغ عدد القتلى الصهاينة وفقا للتقارير الصادرة من قبلهم منذ بداية غارة طوفان الأقصى ولغاية اليوم 1539 قتيل؛

نزوح اسرائيلي

وذكر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إن عدد مصابي الجيش الإسرائيلي خلال سنة من الحرب بلغ نحو 5 آلاف بينهم 695 جراحهم خطيرة

وإن عدد المصابين المدنيين الإسرائيليين بلغ 19 ألفا؛ وأضاف أن عدد الإسرائيليين الذين نزحوا من الشمال والجنوب خلال الحرب بلغ 143 ألفا؛ وان الاحباط والتخبط الذي اصاب  الكيان الصهيوني ورئيس وزرائها الوغد أصبح واضحا ؛ لعدم تحقيق أي من أهدافه المزعومة في القضاء على حماس وفصائل المقاومة في غزة واستعادة أسراه ؛ رغم كل ألة القتل والدمار التي استخدمها ضد اهل غزة الذين ضربوا أروع الأمثلة في صبرهم جهادهم متشبثين بأرضهم ووطنهم؛ فقد أذهلوا كل العالم بهذا الصمود الاسطوري؛ حتى ان قادة الكيان الصهيوني أصابهم اليأس والقنوط مما يجري؛ واعترفوا بفشل هذه الحرب في تحقيق أهدافها ؛ فقد صرح زعيم المعارضة في الكيان الصهيوني» يائير لبيد» : (لن تكون هناك نهضة جديدة دون عودة المختطفين والنازحين إلى بيوتهم)؛ وأضاف مخاطبا  رئيس الوزراء الوغد السيء النتن ياهو (الكارثة الكبرى التي ألمّت بشعب إسرائيل منذ إقامتها حدثت في عهدكم.. ).

 ومن المؤكد فإن ما من أحد يستطيع أن يتنبأ بما ستؤول إليه هذه الحرب؛ فهي حرب تحرير لا يزال يمسك بزمامها الشعب الفلسطيني الثائر على المجرمين المحتلين الصهاينة؛ لاسيما وان رقعتها بدأت تتسع وساهمت فيها بعض دول المنطقة داعمة لفصائل المقاومة الفلسطينية... وأكرر هنا ماتم قوله سابقا رغم كل الألم والخسائر الجسيمة ؛ (أن غارة طوفان الأقصى هي بداية النهاية بإذن الله).. حتى ينال الشعب الفلسطيني كافة حقوقه وإقامة دولته المستقلة على أراضيه.... ورحم الله الشاعر أحمد شوقي عندما قال مخاطبا ثوار سوريا خلال ثورتهم ضد الاحتلال الفرنسي عام 1925:

وَلِلأوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ...

يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ.

وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا...

إِذا الأحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا.

وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا...

وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ.

فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ...

وَفي الأسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ.

وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ..

بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ

فهي الحرية الحمراء إذن.. والله المستعان.

 

 

 

 

 

 


مشاهدات 106
الكاتب قتيبة آل غصيبة
أضيف 2024/10/25 - 3:02 PM
آخر تحديث 2024/11/21 - 3:59 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 148 الشهر 9619 الكلي 10052763
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير