البارافيليا والتشريع العراقي

احمد طلال البدري

على هامش صدور قانون التعديل الاول رقم (15) لسنة 2024 قانون تعديل قانون (مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1988) نجد ان المادة الاولى من قانون التعديل نصت على استبدال عنوان القانون من قانون ( مكافحة البغاء ) الى قانون ( مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي ) ، وبذلك يكون المشرع قد جرم الشذوذ الجنسي باعتباره سلوك مخالف لطبيعة الانسان السوي كما فطره الله تعالى ، ثم عاد المشرع في المادة الثانية من قانون التعديل واورد تعريفا للشذوذ الجنسي وحدد صوره بحالتين الاولى المثلية والثانية تبادل الزوجات لاغراض جنسية فقط ، ثم عرف في فقرة مستقله ظاهرة ( التخنث ) باعتباره سلوك يتعلق بتشبه الرجال بالنساء ، وعاقب المشرع في المادة السابعه من التعديل كل من اقام علاقه شذوذ جنسي أو روج له بعقوبه تصل الى السجن لمدة خمسة عشر سنه واعتبرها من الجرائم المخله بالشرف ولنا على هذا القانون الملاحظات الاتية:

1. وقع المشرع في خطأ تشريعي عندما عرف الشذوذ الجنسي وحدده بحالتين فقط وهي المثليه وتبادل الزوجات لاغراض جنسية ، في حين ان نطاق الشذوذ الجنسي كظاهره مرتبطه مع وجود البشريه غير محدد بهاتين الحالتين , فهنالك صور عديدة من الممارسات الجنسية الشاذه المنبوذه من قبل الاديان والثقافات المتحضرة ومثبته علميا كاضطرابات نفسية ارتكبت تحت عنوانها جرائم جنائية بشعه في كل دول العالم ومنها شذوذ البيدوفيليا أو اشتهاء الاطفال وممارسة الجنس معهم ، وشذوذ الجثمانية وهو ممارسة الجنس مع الجثث ونجد غالبا مايكون المصابين بهذا الاضطراب قريبين من المقابر وثلاجات الموتى , وهنالك شذوذ التلصصية عندما يتلذذ جسديا المصاب بها من خلال المراقبه والتلصص على الآخرين اثناء ممارسة الجنس وتشير الادبيات الجنائية ان بعض اللصوص كان هدف دخولهم المنازل هو مشاهده الآخرين وليس مجرد السرقه ، وكذلك شذوذ الزوفيليا وهو شذوذ ممارسه الجنس مع الحيوان أو البهيمة وهذا الشذوذ شأئع بالارياف، وهنالك شذوذ التعري العلني في الأماكن العامه وشذوذ الفتشية وغيرها من انواع الشذوذ المثبته علميا ونفسيا ، ووفقا لتعريف الشذوذ الجنسي الذي ذكره قانون التعديل الاول فأن هذه الأنواع التي ذكرناها انفا لاتعد شذوذا في التشريع العراقي ولايعاقب مرتكبها وهذا خلل تشريعي جسيم فإما ان يحيط المشرع بموضوع التشريع أو يتجنب تعريف الشذوذ الجنسي في القانون .

الشذوذ الجنسي

2.من الثابت علميا ان التشبه بالنساء وارتداء ملابسهن والمكياج وممارسة دور المراءة في العلاقه الجنسية احد انواع الشذوذ الجنسي ,   وقد عرف قانون التعديل الاول التخنث وهو التشبه بالنساء وعاقب عليه إلا أنه لم يدرجه ضمن حالات الشذوذ الجنسي ، وهنا نتسأل ماذا تعد ظاهرة التخنث وفق رؤية المشرع ؟ ولماذا عاقب عليها اذا لم يعدها ضمن صور الشذوذ الجنسي ؟ وهذا يعد قصور تشريعي لان التخنث احد صور الشذوذ الجنسي .

3. تضمن التعديل ايضا تعديل المادة ( الثانية / ثانيا) من القانون لتكون كلاتي ( يمنع الشذوذ الجنسي بجميع صوره ويحضر الترويج له باي وسيله ويعاقب عليه وفقا لاحكام هذا القانون ) وبالرجوع لتعريف الشذوذ الجنسي كما بينا انه حصره بحالتين ( المثليه و تبادل الزوجات لاغراض جنسية ) فقط واغفل ذكر الحالات الاخرى وهذا يعد اغفال تشريعي في تنظيم ظاهرة الشذوذ الجنسي يجعل من النص قاصرا في حال عرض انواع الشذوذ الاخرى امام القضاء , ولن يستطيع القاضي تجريم هذا الافعال لانه محكوم بمبدأ ( لاجريمه ولاعقوبه الا بنص ) .

4.شذوذ البيدوفيليا أو( الغلمانية) وهو اضطراب نفسي يجعل المصاب به مولعا بممارسة الجنس مع الأطفال من سن الرضاعه الى سن ماقبل البلوغ ، هذا النوع من الشذوذ يتعارض مع الروايات في بعض المذاهب التي تجيز الاستمتاع بالأطفال ماقبل سن الدخول ، وان تجريم هذا السلوك وعده جريمه يعاقب عليها القانون من شأنه توفير الحماية للأطفال وغلق الجدل الدائر في مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية من كونه يتضمن انتهاك للطفوله لان المجتمعات تتغير وان الاحكام التي تكون صالحة في زمان ومجتمع ما ليس بالضرورة ان تكون صالحة لهذا الزمن وهذا ما قضت به القاعدة الفقهية ( لاينكر تغير الاحكام بتغير الأزمان ) .

5. كان على مجلس النواب قبل اقرار هذا التعديل الوقوف على رأي الطب النفسي من خلال تشكيل لجنه من المتخصصين بالطب النفسي لتحديد حالات الشذوذ الجنسي لغرض ادراجها ضمن نطاق تعريف الشذوذ الجنسي لضمان جودة التشريع وشموليته ...ومن الله التوفيق.