ما تحشده ايران من تعبئة سياسية وإعلامية واضحة عبر كلمات متلاحقة حول الوضع الجديد في سوريا في خلال ثلاث مناسبات للمرشد الأعلى منذ سقوط بشار الاسد، يوحي بأن هناك خططا تتحرك على الأرض لتدخل معين في سوريا، استنادا الى قراءات سابقة لتاريخ اكثر من ثلاث عقود اذ يرتبط كلام المرشد في رضاه او سخطه باجراءات سياسية او عسكرية على الأرض.
لكن يبرز هنا العراق حلقة وسيطة لا يمكن لإيران ان تقدم على أي خطوة باتجاه سوريا من دون الأراضي والأجواء العراقية والوضع اللوجستي المتاح هناك. وهنا حالة تتناقض لا مناص منها اذا أصبحت واقعا ملموساً وتطورت بشكل متداع مع الإعلان الرسمي العراقي في عدم التدخل في الشأن السوري والطلب من حكّام دمشق الجدد منع اية تداعيات ضد العراق وهو ما وعد به القائد العام لإدارة العمليات احمد الشرع عند استقباله الوفد الأمني العراقي.
من حق المرشد الأعلى ان يعبر عن وقناعاته إزاء فقدان الحليف والأرض التي كان يقف عليها، لكن العراق له وضع اخر، فيها تيارات تبعية بالولاء للتوجهات الإيرانية من دون النظر الى المصلحة العليا للبلاد ، وهذا يتطلب حكمة وذكاءا وجهدا من السلطة العراقية في ضبط اية امتدادات تأتي من الشرق وتضر بالعراق الذي هو وليس ايران له الحدود الطويلة مع سوريا، البلد العربي صاحب التاريخ العميق والمتداخل مع التاريخ العراقي.
يجب ان تقوم الحكومة العراقية بإعادة تنشيط مقولتها الاثيرة، حتى لو لم تكن كاملة الفاعلية في انه من غير المسموح جعل العراق ساحة لمعارك الاخرين دفاعا او هجوما.
هناك من يرى ان زيارة الوفد العراقي الأخيرة لاتكفي وحدها في انجاز هذه المهمة التوضيحية فيما لو كانت تلك المهمة بنداً على جدول اعمال الوفد.
لا نريد أن ندخل نفقاً جديداً يتراءى امامنا وحولنا، تحت وقع شعارات اعتاد أن يصنعها الاخرون ويهوس لها بعض منا من باب المجاملة او الضعف او الجهل بما يجري.
المرحلة القريبة المقبلة لا تحتمل الأخطاء مهما كانت صغيرة، فالخطأ هذه المرة مع الإدارة «الترامبية” هو خطيئة من الصعب التكفير عنها.