فاتح عبد السلام
الدول الكبرى التي تنظم انتخابات برلمانية أو رئاسية، تصرف أموالاً طائلة على انجاحها من دون أن تصرف دولارا واحدا من موازنة الدولة، والاعتماد بشكل كامل على تبرعات الأحزاب والشخصيات والمنظمات. ويوجد تقليد في الولايات المتحدة في الكشف عن أموال المتبرعين من دون تأخير، ويوجد لديهم برنامج تمويلي من التقاط الشخصيات صورة شخصية مع الرئيس الأمريكي مقابل مائة الف دولار لدعم الحملة الانتخابية. ولنتخيل ان نائبة تتجه اليها الأنظار لتفاهتها وسذاجتها وتخلفها، نائبة واحدة ويتوجد مثيلاتها كثيرا، دون غيرها، تفتح باب التصوير معها لدعم حملتها الانتخابية، كيف ستكون النتائج؟ ومَن سيدفع للآخر بسبب تلك الصورة، وعلى مَن سيقع الضرر النفسي والاعتباري وَمن يتحمل وزره ،من جراء صورة قد تورث من يتورط بها العار لعائلته جيلا بعد جيل .
وهناك فضائح لاحقت سياسيين وزعماء في فرنسا وإيطاليا بتهمة تمويل خارجي ذي أغراض سياسية تخل باستقلالية قرار الرئيس المنتخب لاحقا كما حدث في اتهام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في دعمه لبرلسكوني، او اتهام الرئيس الراحل صدام حسين في دعم حملة الرئيس الأمريكي الاسبق رونالد ريغان في زمانه.
في العراق، تجري الانتخابات بتمويل مزدوج من الأموال السياسية المتدفقة من الخارج على شخصيات وكتل أو من خلال استغلال بعضهم للمال العام في مساربه المختلفة الواضحة والمخفية. وهناك صرف أموال كبيرة على مفوضية الانتخابات وتجهيزاتها، وهي أرقام مليونية بالدولار، ويبقى المواطن العراقي ينظر بحسرة الى عدم التناسب بين الصرفيات العالية والحصيلة الضئيلة من المكاسب التي يطمح ان يجنيها من تغيير طبقة سياسية والاتيان بأخرى، بالرغم من انّ التغيير بهذا المعنى لم يحصل بالعراق طوال عشرين عاماً من الانتخابات، ولايزال تداول الوجوه والمسميات ذاتها، ولعلّ الأخطر هو تداول التوجهات ذاتها حتى عند ظهور اسم جديد في الملعب.
هل سيأتي يوم يتجه فيه العراق الى نوع جديد من الانتخابات الداخلية في حدود تقسيمات المحاصصة، قد تتم بالتوافق او التراضي بالأموال المحدودة والوعود بالمناصب أو بالضغوط؟.