فاتح عبد السلام
لم ترتق مناسبة “عيد الحب” التي تشغل العالم ليلة الرابع عشر من شهر شباط كل عام الى مستوى رسمي يتبادل فيها الزعماء والسياسيون التهاني. بقيت هذه المناسبة في الحدود الشخصية للناس، في المجتمعات المستقرة التي لا تعاني دمار الحروب كما في السودان وغزة وجنوب لبنان ومناطق أخرى.
الحب مفردة ليس لها موضع في القاموس الخاص للسياسيين، الا اذا اقترنت بالمصلحة السياسية او المالية او الأمنية وسوى ذلك من المنافع على الصعيد المحلي وبين الدول ايضاً.
وفي المجتمعات العربية، وقسم منها غني من الناحية الرسمية بالثروات الطبيعية، يبدو تبادل الهدايا في هذا اليوم نوعا من الترف والاسراف والخيال الجامح في وقت لا تتوافر الإمكانات لتوفير لقمة العيش بشكل مشرف ولائق لجميع افراد الاسرة.
يوم الحب العالمي مناسبة غير صالحة لجمع العراقيين حول وجهة واحدة، في مجتمع اعتاد ان يجتمع عند الأيام التقليدية المتوارثة بكل ما فيها من الحزن والفرح، بما يخص العوائل والعشائر.
لكن لايوجد تفوق للحب على مشاعر الفقد والحزن والمظلومية والانسحاق والتعاسة والإحباط أبداً. في العراق لم يحدث انتقال من واقع حزين وعاصف بالحروب وويلاتها وتوابيتها الى أيام خالية من الحرب والحزن والتوابيت، لذلك لا معنى ليوم الحب وليس له مظهر ملاحظ الا في مواقع التواصل الاجتماعي بين مراهقين وشباب يستعرضون تجارب شخصية ولقطات وصرعات، في حين انّ البنية الاجتماعية لم يعد الحب ناظماً يمسك بتكويناتها وجذورها، كفانا ضحكا على أنفسنا، البلد أحرقه السياسيون وتركوه جثة هامدة، لا يمكن ان تعيد مناسبات عالمية للحب الحياة فيها. هذا واقع ماثل للعيان، ومَن يريد ان يستزيد عليه ان يذهب الى المناطق الأكثر فقراً، أو ليلتفت حوله فقط، فقد يجد تلك المناطق لأنه في وسطها بالأساس.
الامل الوحيد هو في أوساط الشباب والجامعات والمعاهد، لعلهم يتمردون على فساد الواقع المظلم واكاذيب دعايات السياسيين والوزراء والنواب الرخيصة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية