الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أي‭ ‬حب‭ ‬مع‭ ‬الفساد؟

بواسطة azzaman

أي‭ ‬حب‭ ‬مع‭ ‬الفساد؟

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

لم‭ ‬ترتق‭ ‬مناسبة‭ ‬“عيد‭ ‬الحب”‭ ‬التي‭ ‬تشغل‭ ‬العالم‭ ‬ليلة‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬شباط‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬رسمي‭ ‬يتبادل‭ ‬فيها‭ ‬الزعماء‭ ‬والسياسيون‭ ‬التهاني‭. ‬بقيت‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬في‭ ‬الحدود‭ ‬الشخصية‭ ‬للناس،‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المستقرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعاني‭ ‬دمار‭ ‬الحروب‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وغزة‭ ‬وجنوب‭ ‬لبنان‭ ‬ومناطق‭ ‬أخرى‭.‬

الحب‭ ‬مفردة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬موضع‭ ‬في‭ ‬القاموس‭ ‬الخاص‭ ‬للسياسيين،‭ ‬الا‭ ‬اذا‭ ‬اقترنت‭ ‬بالمصلحة‭ ‬السياسية‭ ‬او‭ ‬المالية‭ ‬او‭ ‬الأمنية‭ ‬وسوى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المنافع‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬المحلي‭ ‬وبين‭ ‬الدول‭ ‬ايضاً‭.‬

وفي‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية،‭ ‬وقسم‭ ‬منها‭ ‬غني‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الرسمية‭ ‬بالثروات‭ ‬الطبيعية،‭ ‬يبدو‭ ‬تبادل‭ ‬الهدايا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الترف‭ ‬والاسراف‭ ‬والخيال‭ ‬الجامح‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬الإمكانات‭ ‬لتوفير‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬بشكل‭ ‬مشرف‭ ‬ولائق‭ ‬لجميع‭ ‬افراد‭ ‬الاسرة‭. ‬

يوم‭ ‬الحب‭ ‬العالمي‭ ‬مناسبة‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬لجمع‭ ‬العراقيين‭ ‬حول‭ ‬وجهة‭ ‬واحدة،‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬اعتاد‭ ‬ان‭ ‬يجتمع‭ ‬عند‭ ‬الأيام‭ ‬التقليدية‭ ‬المتوارثة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬والفرح،‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬العوائل‭ ‬والعشائر‭.‬

لكن‭ ‬لايوجد‭ ‬تفوق‭ ‬للحب‭ ‬على‭ ‬مشاعر‭ ‬الفقد‭ ‬والحزن‭ ‬والمظلومية‭ ‬والانسحاق‭ ‬والتعاسة‭ ‬والإحباط‭ ‬أبداً‭. ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬انتقال‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬حزين‭ ‬وعاصف‭ ‬بالحروب‭ ‬وويلاتها‭ ‬وتوابيتها‭ ‬الى‭ ‬أيام‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬والحزن‭ ‬والتوابيت،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬ليوم‭ ‬الحب‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬مظهر‭ ‬ملاحظ‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬مراهقين‭ ‬وشباب‭ ‬يستعرضون‭ ‬تجارب‭ ‬شخصية‭ ‬ولقطات‭ ‬وصرعات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬البنية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الحب‭ ‬ناظماً‭ ‬يمسك‭ ‬بتكويناتها‭ ‬وجذورها،‭ ‬كفانا‭ ‬ضحكا‭ ‬على‭ ‬أنفسنا،‭ ‬البلد‭ ‬أحرقه‭ ‬السياسيون‭ ‬وتركوه‭ ‬جثة‭ ‬هامدة،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تعيد‭ ‬مناسبات‭ ‬عالمية‭ ‬للحب‭ ‬الحياة‭ ‬فيها‭. ‬هذا‭ ‬واقع‭ ‬ماثل‭ ‬للعيان،‭ ‬ومَن‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬يستزيد‭ ‬عليه‭ ‬ان‭ ‬يذهب‭ ‬الى‭ ‬المناطق‭ ‬الأكثر‭ ‬فقراً،‭ ‬أو‭ ‬ليلتفت‭ ‬حوله‭ ‬فقط،‭ ‬فقد‭ ‬يجد‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬وسطها‭ ‬بالأساس‭.‬

الامل‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الشباب‭ ‬والجامعات‭ ‬والمعاهد،‭ ‬لعلهم‭ ‬يتمردون‭ ‬على‭ ‬فساد‭ ‬الواقع‭ ‬المظلم‭ ‬واكاذيب‭ ‬دعايات‭ ‬السياسيين‭ ‬والوزراء‭ ‬والنواب‭ ‬الرخيصة‭.‬

 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 967
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/02/14 - 3:38 PM
آخر تحديث 2024/11/20 - 8:35 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 126 الشهر 9597 الكلي 10052741
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير