إنه دون شك عنوان طريف. كيف يقع حب بين فيل ونملة! هل يعني ذلك أكثر من خيال وصعلكة أدب؟ أقول: ربما!
فالفيل بحجمه الكبير والكبير جداً جداً بالنسبة لجسم النملة الصغير، لا يمكن حتى تخيل وقوعه في حب نملة. ما الذي يجمعهما، ومالذي يربطهما، وبأي لغة يتناجيا، وكيف يمكن أن تحصل أية علاقة بينهما؟ انهما لا يستطيعان حتى النظر بعيون بعضهما. عليه فإن حكاية حب الفيل لنملة ليس أكثر من فانتازيا تطلق للإنسان الخيال في أشباح تمثل ما يشتهي!
أذكر أننا كنا نتداول مزحة بيننا نحن اصدقاء في عمر الطفولة، فنقول: نملة نسيت “مايوه” سباحتها، فقامت باستعارة “مايوه” سباحة من فيل!! بالطبع، فإن حكاية الحب بين الفيل والنملة هي حكاية رمزية للعلاقات غير المتكافئة بين البشر، في أسبابها وأشكالها العديدة وتداعياتها. فالبشر يتوزعون بين قصير وطويل، قوي وضعيف، أبيض وأسمر، غني وفقير، حاكم ومحكوم، ظالم وعادل، جميل وقبيح.
ورغم هذه الاختلافات والتباينات تقع علاقات حب بين هذه المتضادات، وفي تداعياتها ما يثير الكثير من التساؤلات والتأملات.
بيد أنه يمكن أن هذه العلاقات لا تمثل الا مظاهر ظلم واستغلال وتبعية لا حول للضعيف فيها ولا قوة، وبالتالي لا تشكل الا علاقات “حب” في شكل خاص فرضه واقع الاختلاف والتباين بين طرفيه. هذا الحب الذي لا تعرف لحظة انفجاره، ولا تقدر تداعياته حتى الدموية أحياناً!
لقد كانت كثير من الافكار والدعوات الاصلاحية قد قادت كذلك الى أن تدفع أطراف ثمن علاقاتها غير المتكافئة.
ومن أجل تجنب وتفادي ذلك تسعى الأطراف “العليا” إلى التخفيف من تداعياتها المحتملة في أيام الأزمات فتروح تشتري للأطراف “ الدنيا” باقات ورد أيام أعياد ميلادها، أو أثناء زيارتها لها في المشافي، أو حتى وضعها على قبور ذويها!!