فاتح عبد السلام
لا توجد دولة في العالم تستطيع منع الاغتيالات نهائيا على أراضيها، فقد اغتيلت شخصيات سياسية وعامة في مختلف دول الكوكب بينهم رؤساء وزعماء ومشاهير، وفي مناسبات علنية ووسط إجراءات امنية كما وقعت حوادث أخرى في الشوارع الخلفية من عواصم، ومدم ومطاعم وحانات. ليس المجال متاحاً هنا لتعداد أسمائهم.
لكن الدول المستقرة يندر أن تقع فيها هذه الحوادث، ذلك انّ الاغتيالات عندما تكون شائعة الوقوع أو أنها تقيّد ضد مجهول، كما حدث مئات المرّات في العراق في السنوات العشرين الأخيرة، إنّما هي دليل دامغ وقطعي ونهائي على ضعف النظام السياسي، بما فيه الوضع القانوني والأمني والتنفيذي التابع له.
في العراق، عندما تجري عملية اغتيال شخصية سياسية، تتوجه الأنظار على نحو مباشر الى خصومه السياسيين او خصوم حزبه وجماعته، وقد لا تكون لهم علاقة بتنفيذ الاغتيال الذي ربما كان مجرد تصفيات في صراع على أموال أو نساء أو مشاريع أو غنائم أخرى في بلد استبيحت به المقدرات والثروات والسلطات والتشريعات من اجل التغطية على النفوذ الشخصي والحزبي الاستغلالي.
هل توجد إمكانية لوقف الاغتيالات بعد عشرين سنة من سيل دماء لا حصر لها؟
في بلد مثل العراق، تصعب الإجابة بكلمة» نعم»، لكنني «أغامر» وأقول «نعم؛ يمكن وقف الاغتيالات ومنع تحولها الى أداة للتصفيات بين الخصوم السياسيين أو العقائديين، في حال تولت السلطات المعنية التعامل جنائياً مع تلك العمليات ومحاسبة مرتكبيها بحزم واشهار التحقيقات الجنائية معهم ومنح القضاء حماية معنوية وفعلية وتحصينه من جميع الضغوط الداخلية والخارجية، ومن ثمّ اصدار العقوبات الرادعة ضد المجرمين، بما يجعل كل العراقيين يتحدثون بها. بمعنى مختصر، استخدام سلطة الدولة لإيقاف سلطة الغاب.
المعادلة بسيطة، هي انّ مخططي الاغتيالات ومنفذيها هم مجرمون عاديون له عناوين سياسية غالباً، وهذا لا يمنع من محاسبتهم، كما انّ ردع مرتكبي الجرائم يحفظ مسارات المجتمع لعشرات السنين من التدهور والانزلاق في وديان خارج القوانين والشرائع ، كما حدث في بلدنا مراراً وتكراراً، والله يستر من الآتي.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية