فاتح عبد السلام
بعد الانتهاء من ملف الحرب الروسية الأوكرانية في خلال فترة باتت وشيكة، والسيطرة الامريكية على نصف ثروة المعادن الاستراتيجية النادرة لأوكرانيا في مقايضة الدعم والحكم بالمال والثروة، سيكون الملف الإيراني مرشحاً قوياً للسخونة بيد الولايات المتحدة، ذلك ان كل بنود الملف جاهزة وتنتظر التفعيل. فالشرق الأوسط لم تعد فيه قضية ذات متطلبات عاجلة للمعالجة، إذ انّ وضع قطاع غزة سيكون بأيدي مصرية عربية وتحت النظرين الأمريكي والإسرائيلي، كما انّ ملف لبنان بات قيد التعامل الفني الإداري الدولي كإصلاح النظام المصرفي لعودة المساعدات وما الى ذلك من تسويات داخلية، لكن ملف الحرب لم يعد له وجود في المدى المنظور، لعشرين سنة في الأقل، وهي المدة التقريبية لإعادة الاعمار واستمرارية الحياة البشرية الطبيعية في المناطق المدمرة في غزة ولبنان، لاسيما ان سوريا سيكون لها وضع خاص يعوق إعادة اية استراتيجيات قديمة شغلت المنطقة في أربعة عقود.
لا يوجد في القريب العاجل سوى ملف ايران، وهو مرتبط بالحسم المؤكد في الحقبة “الترامبية” لا محالة، واذا تعداها الى فترة رئاسية مقبلة فإنّ كل الشيء لن تكون عليه سيطرة، وقد تقع حرب كبيرة وتنفلت الاوضاع، ذلك انّ مناخ الصفقات الموجود لدى إدارة ترامب لن يتكرر بسهولة في حقبة مقبلة، وانّ ايران مدعوة للإفادة من هذا المناخ للخروج من ازمتها الجدية التي قد تتفاقم وتودي بنظامها السياسي بسرعة دراماتيكية غير متوقعة، فإمكانية الخرق الأمريكي والإسرائيلي لإيران في ملفات دقيقة متوافرة وهي ليست اقل من عملية اغتيال اسماعيل هنية رئيس حركة حماس في توقيت مريح تحركت عبره إسرائيل من دون خطأ واحد.
ايران امام فرصة تاريخية، قد ترتكب الخطأ الاستراتيجي في اضاعتها وهذا احتمال وارد برغم ضعفه، وهذا يعني هذه المرة انتحاراً لنظامها السياسي واكمالاً لرسم خارطة جديدة نهائية في الشرق الأوسط تشمل العراق حتماً بوصفه في المعيار الاستراتيجي ملفا تابعا وليس محورياً ورئيسياً.
بلا شك، انّ ايران تعي أهمية الفرصة وتريد الضغط لأقصى حد للحصول على اقصى مكاسب عندما تحين ساعة التسوية، لكن ليست الأمور تجري هذه المرة كما تشتهي الرغبات الإيرانية بوجود ترامب في الرئاسة الامريكية، والوقت ليس في صالح ايران.