فاتح عبد السلام
هل يحتاج العراق في هذا الظرف الدقيق والعصيب أن يشهد تناقضات في التصريحات الخاصة بالخط الساخن المتصل بالحرب الدائرة في الشرق الأوسط. فوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الذي يمثل من دون أي شك الرأي الرسمي للدولة ينفي علاقة العراق بمحور المقاومة وآلياته الحربية اللوجستية المعروفة باسم” وحدة الساحات”، وقال انّ هناك تمسكا بوحدة الساحة العراقية فقط. في حين كانت الأنظار في الوقت ذاته تتطلع الى رئيس حكومة عراقية أسبق غادر وسط هذه الأجواء المشتعلة الى صنعاء ليلتقي قيادة الحوثيين الذين يخوضون معارك قطع الطريق البحري مع الاسطول الأمريكي في البحر الأحمر، ورافقت زيارة هذا المسؤول السابق والعضو الفاعل في المشهد السياسي الحاكم بالعراق طوال عقدين من الزمان، تكهنات وتوقعات بأن يكون حاملاً لرسالة تهدئة تنزع فتيل حرب جديدة قبل أن تقع، مهما كان مصدر الرسالة أمريكياً أو إيرانياً.
غير ان المفاجأة هي ان الرجل خرج في مهرجان خطابي للحوثيين يتحدث بلغة تجاوزتها الاحداث المتسارعة وكأنه كان منعزلاً طوال ستة عشر شهراً في زاوية منسية ليس له فيها مذياع أو جريدة أو جهاز تلفزيون ليسمع اخبار ما حدث من تغييرات حاسمة في التركيبة السياسية والعامة لبقاع مهمة في الشرق الأوسط، فالذي يستمع الى هذا “الرئيس الحكومي» الأسبق وهو يعلن الاشادة بمسار وحدة الساحات وانجازاته يشعر انّ أحداً لم يخبره بوضع حزب الله اللبناني بعد توقيع اتفاق وقف اطلاق النار مع إسرائيل، او الاتفاق المتعثر لوقف الحرب في غزة بعد مقتل قيادات الصف الاول في الجانبين المتحاربين في لبنان وغزة، وكأنّ الرجل لم يصله خبر كسر ظهر المحور جغرافياً بسقوط نظام بشار الأسد، بل لعله غير مُطلع تماماً على الاتصالات الامريكية العراقية الأخيرة التي تشدد على فصل العراق رسمياً وغير رسمي عن المحور الذي لا تزال قائدتهُ الكبيرة ايران على كف عفريت الحرب بعد رسالة الرئيس الأمريكي ترامب ذات المهملة المتآكلة بالأيام.
ما قاله هذا الرجل حول وحدة الساحات بما يدعم مسعى الحوثيين في حرب جديدة مع الولايات المتحدة يجعل أي مراقب أن يتساءل، من أي كوكب جاء هذا الرجل والى اين ذاهب؟ بل يدفع لإعادة التساؤل كيف كان العراق العظيم امانة دستورية بيديه اللتين يتهمها ثوّار تشرين بالتورط في قمع اكبر انتفاضة سلمية لم يحمها دستور أقر مبدأ الحريات أو حكومة منتخبة من المفترض انها تؤمن بـ» الديمقراطية” التي حملتها الى سدة الحكم، لكن النتيجة كانت مئات من شهداء تشرين.