فاتح عبد السلام
في الوقت الذي تترقب بغداد تعيين سفير امريكي جديد لديها، جرى الإعلان عن تعيين مبعوث خاص للرئيس الأمريكي ترامب، من أصول عراقية مسيحية، يتكلم اللهجة المحلية، وله باع طويل في الصفقات، وأثبتت الحملة الانتخابية لترامب انه كان متمكناً من الانتشار والتأثير وجلب الأصوات.
هذا تطور نوعي جديد في مسار العلاقة الامريكية مع العراق، لكنه يبدو مسارا مرتبطا بولاية الرئيس ترامب، ولا اثر متوقعا لاستمرار ذلك المسار مابعد ترامب.
ترامب، المولود في حضن التجارة والاستثمار والصفقات، يرى في العراق صفقة غير منجزة، ولم يتذكر عن وضع العراق شيئاً في قمة شرم الشيخ سوى انه بلد لديه نفط ولا يعرف ماذا يفعل به. هذه في علم النفس الصورة اللحظوية الأقرب للاستدعاء في ذهن الرئيس، أمّا الملفات الأمنية والسياسية والاستراتيجية الأخرى فذلك من عمل البنتاغون والمخابرات المركزية ووزارة الخارجية والسفارة الامريكية في سياقاتهم التقليدية المعروفة. امّا هو كرئيس فانه بحاجة الى معتمد تنفيذ الطلبات الرئاسية المباشرة التي لا تمر في اية حلقة أخرى، فالعراق بات من فم المبعوث الخاص الى اذن الرئيس مباشرة.
هكذا انتهى العراق الموشح بصورة الفساد التي تعد أكبر صورة تحضر امام أي مسؤول امريكي عند فتح ملف العراق. كما انه البلد الموشح بالوشاح الإيراني الطاغي، وما يترتب على ذلك من تبعية قاهرة تجعل العلاقات الدبلوماسية شكلية وتزيينية وواهية الخيوط أمام حبال غليظة جرى مدها بقوة وانتشار ما بين ايران والعراق. هذا الصورة العراقية ترتب عليها مواقف وقناعات لدى الإدارة والأجهزة الامريكية، وزادت إسرائيل من ترسيخها أيضاً، بالرغم من رسائل التطمين السرية والعلنية.
يجب ان نعرف حقيقة انّ من العبث ان يقدم أي انسان على تذكير الرئيس ترامب ان العراق ليس نفطاً ضائع الصاحب، وليس تشكيلات فاسدة أو مليشيات موالية لإيران، وهو امتداد حضاري وتاريخي عميق، ويزخر تاريخه بشخصيات فذة في العلوم والمعارف والعسكرية ، لأنه يريد أن يرى بنفسه الساعة وليس يسمع روايات تاريخية.
fatihabdulsalam@hotmail.com