فاتح عبد السلام
التحذير الأوربي للسوريين من أن يكرروا الوقوع في السيناريوات العراقية والليبية والأفغانية “المرعبة” بحسب نص التحذير، له معنى كبير لاسيما انّ كلام وزيرة خارجية الاتّحاد الأوربي كايا كالاس لم يتبعه تفصيل بشأن إن كانت تلك البلدان الثلاثة خرجت او لم تخرج من مخاض السيناريوات المرعبة. ولعلها لم تجد حاجة لشرح المزيد كون ما حدث في ليبيا والعراق وأفغانستان من اهوال الحروب وتداعياتها الداخلية كان واضحا للجميع.
العراق برغم التغييرات العامة التي قادت الى الاستقرار العام في حين والنسبي في حين آخر، لا يزال في مرمى تلك النظرة الأوربية الحذرة بشأن وضعه العام واثار ما جرى فيه من احداث تحت ظل حكومات متعاقبة وقعت في أخطاء كارثية من دون التحسب لخطورة أن ينزلق العراق الى أكثر من هاوية تتربص به في الخارج، طالما ذهبوا اليها بأرجلهم.
هناك نظرة صحيحة لدى الاوربيين في ضرورة ان يتجنب السوريون الأخطاء الكارثية التي حدثت حولهم، ولعلّهم يرمون الى ضرورة الخروج من دائرة التأثير التركي لكي لا يحصل كما كان في العراق من الوقوع تحت التأثير الإيراني، وهو أحد أسباب عدم الاستقرار والوصول الى حلول داخلية بالتفاهمات الحرة والمجردة من مصالح الآخرين واجنداتهم.
لكن في الوقت ذاته، هناك «تربص معين» نتمنى ألا يكبر وينمو، في ترك الباب مشرعا لتدخل خارجي يمر عبر العراق أو لبنان أو البحر نحو سوريا، لاسيما انَّ هناك أخباراً بشأن هروب واضح الى بعض دول الجوار، لقيادات نظام بشار الأسد من ضباط أمن وحرس جمهوري متهمين بانتهاكات ضد الشعب السوري الذي ينتظر محاكمات عادلة لهم لرموز التعذيب والقتل بعد انكشاف جرائم الإبادة في سجن صيدنايا وسجون الفروع الأمنية التي كانت جاثمة فوق صدر بلاد كاملة.
المخاوف مشتركة ومتبادلة، من مستقبل أوضاع سوريا، وكذلك من مستقبل دول جوار سوريا في التعامل السياسي والأمني معها، اذا استمرت بقايا نظام القتل وتحت أيديهم ثروات كبيرة منهوبة وملفات خطيرة، وقد يطمحون الى انعاش اتباع وخلايا لهم في الأيام المقبلة لإشعال بذور الفتنة كأسلوب تميزت به الأجهزة المخابراتية للأسد في تصدير الفتن والقتل الى العراق، بشهادات من زعماء عراقيين في السنين الماضية.
من حق سوريا الجديدة أيضاً أن تقلق من دول الجوار حتى يثبت العكس.