فاتح عبد السلام
دول كبرى وسواها تعيد أولويات ترسانتها الدفاعية بعد حرب الأيام الاثني عشر الإيرانية الإسرائيلية. وبعد أكثر من سنتين من الحرب الروسية الاوكرانية. هناك قلق متداخل بين توفير إمكانات صد الهجمات الصاروخية من جهة، وامتلاك وسائل الردع الاستراتيجية من جهة أخرى.
من هنا، نجد ان دولة كبرى مثل بريطانيا تمتلك السلاح النووي، تجد نفسها في حاجة للعمل من خلال حلف الناتو لتعزيز المقومات الدفاعية، اذ أعلنت بريطانيا أنها ستعيد العمل في إطار حلف الأطلسي، بالردع النووي المحمول جوّا جنبا إلى جنب مع قدراتها النووية الحالية المقتصرة حالياً على الغواصات، من خلال شرائها 12 مقاتلة من طراز إف-35 قادرة على إطلاق صواريخ مزوّدة رؤوسا نووية. هنا عمل استراتيجي جديد ومكثف، لاسيما ان صور التحديات الصادرة من دول عدة في العقدين الأخيرين غير مطمئنة
لا توجد دولة في العالم كانت تستعرض قدراتها الصاروخية طوال سنوات وتصور مخابئ التخزين بنفسها وتعرضها للجمهور سوى إيران، ذلك انّ استعراضات الدول عادة ما تكون رمزية في شوارع محددة بالعواصم من خلال عرض صواريخ على ناقلات في أعياد الجيوش، وربّما تكون هياكل فارغة فقط.
وبعد أن شهد العالم إطلاق إيران أكثر من ألف صاروخ ومسيرة انتحارية في الحرب مع إسرائيل، باتت هذه التجربة الساخنة محل دراسة وتقييم عميقين. بل انّ المتحاربين إيران وإسرائيل سيبنيان خططهما المستقبلية على أساس النتائج المتاحة في عمليات القصف المتبادل، وربما ستهتم ايران ببناء قبة حديدية على غرار إسرائيل، ولربما ستطور إسرائيل إمكانات الصد والاختراق، وقد نمر في حرب باردة طويلة الأمد، لا تتغير الا بتغييرات سياسية تشهدها المنطقة.
العراق هو أهم دولة تقع في مرمى النيران الإيرانية والإسرائيلية المتبادلة، التي توقفت الان من دون ضمانات لعدم تكرارها بعد سنة أو سنتين أو سبع سنين، وهذا حافز لكي يفكر العراق بتحصين استقلالية اجوائه ومنع اختراقها المنظم، وهو امر لا يمكن تحقيقه من دون ان تسهم فيه الولايات المتحدة مادام هناك اتفاقية تعاون مشتركة معها. والسؤال المستحق هنا هو، الى أي مدى توجد مخططات عسكرية في العراق على هذا الصعيد الدفاعي، فالاستعداد المطلوب لن يكون هجومياً للعراق الذي خرج من عهد الى اخر مختلف نهائياً، غير أنّ الاستعدادات الدفاعية المشروعة لا تبدو متاحة في اليد أو عبر الاتفاقيات أو التفاهمات مع الحلفاء والأصدقاء.