مسؤولية دول الخليج وإيران.. وقف حرب غزة وفرض السلام في المنطقة

حسين الفلوجي

تشهد منطقة الشرق الأوسط منذ عقود خلافات سياسية ومذهبية وحروب بالإنابة بين دول الخليج وإيران، تركت هذه الخلافات جروحا عميقة وآثارًا مباشرة على الأوضاع الإقليمية، وكان من أبرز ضحايا تلك الخلافات القضية الفلسطينية عموما وما يجري في غزة خصوصا. على مدى السبعين عامًا الماضية، استغل الجانب الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة وأوروبا هذه الخلافات لتحقيق أهداف استراتيجية متعددة، أبرزها توفير الحماية والظروف اللوجستية لاستكمال وتقبل فكرة بناء دولة إسرائيل على حساب الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني.إن استمرار حرب الإبادة التي يشنها اليمين الإسرائيلي المتطرف على أهل غزة هو نتيجة مباشرة للخلافات العميقة بين إيران ودول الخليج. هذه الخلافات لم تقتصر على الجانب السياسي فقط، بل امتدت لتشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والدينية، مما زاد من تعقيد المشهد الإقليمي. وعلى دول الخليج وإيران أن تعيا خطورة وتداعيات خلافاتهما المذهبية والتاريخية على استقرار المنطقة وعلى مستقبل القضية الفلسطينية بشكل خاص.

وقف الحرب

تبرر أغلب دول الخليج عدم الضغط الكافي لوقف الحرب في غزة بسبب دعم إيران لحركة حماس والجهاد الإسلامي، بينما يسعى محور المقاومة بقيادة إيران إلى تصوير دول الخليج على أنها متواطئة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. في هذا الإطار، يجب على دول الخليج وإيران أن يدركا خطورة ان تخرج إسرائيل منتصرة في حربها على غزة ورفضها قبول السلام.

السنوات العشر الماضية ومنذ ولاية أوباما الثانية، شهد العالم عموما والشرق الأوسط خصوصا، تحولات جيوسياسية كبرى والتي يجب أن تُقرأ بعناية وتُحلل بموضوعية مع نظرة مستقبلية متفائلة. أحد أبرز هذه التحولات، إيقاف الولايات المتحدة حربها على الإسلام، والرغبة في تقليص وجودها العسكري والسياسي في منطقة الشرق الأوسط والتفرغ لمواجهة الصين كقوة صاعدة ومنافسة لها وللحضارة الغربية.

وكذلك، من مخرجات العشر سنوات الماضية، ان الولايات المتحدة أدركت أن دعمها لإسرائيل بشكل غير مشروط يمثل قصورًا في الرؤية الاستراتيجية، وأن الحروب التي تورطت فيها مع العالمين الإسلامي والعربي لم تجلب لها سوى المزيد من التعقيدات والمآسي وزيادة النفوذ الصيني والروسي في المنطقة. تحت قيادة الحزب الديمقراطي، تبدي الولايات المتحدة رغبة حذرة في إنهاء الحرب في غزة وفرض حل الدولتين، لكنها تواجه ضغوطًا داخلية تمنعها من اتخاذ خطوات ملموسة. فالجالية اليهودية في أمريكا تُعتبر قوة ضغط كبيرة تسعى الإدارة الأمريكية للحفاظ على دعمها.  في هذا السياق، يجب على دول الخليج وإيران أن يتجاوزا خلافاتهما او على الأقل ان يتم عزل ملف القضية الفلسطينية وحرب غزة عن باقي الملفات الخلافية، والعمل على تشكيل غرفة عمليات لتنسيق المواقف، ومن ثم تشكيل وفد تفاوضي مشترك يتولى مهمة إدارة ملف الحرب في غزة والعمل على ايقافها أولاً، ثم الانتقال إلى معالجة الملف الفلسطيني بشكل شامل وفرض السلام.ختاما: يتعين على دول الخليج وإيران تحمل جزء من المسؤولية الأخلاقية والشرعية لكل ما يجري من أزمات في المنطقة، وأن تبادرا بسرعة إلى تجاوز خلافاتهما والعمل على وقف حرب الإبادة على اهل غزة ودفع عملية السلام نحو تنفيذ حل الدولتين.

حسابات ضيقة

إن تحقيق هذا الهدف يتطلب شجاعة سياسية ورؤية استراتيجية تتجاوز الحسابات الضيقة والمصالح الفئوية. سيكون هذا التعاون خطوة حاسمة نحو استقرار المنطقة وتحقيق السلام العادل والمستدام للشعب الفلسطيني وتحييد لدور إسرائيل في المنطقة ووضعه في الاتجاه الصحيح، كما سيعزز من مكانة دول الخليج وإيران كقوى إقليمية مسؤولة تسهم في بناء مستقبل أكثر أمانًا وازدهارًا لشعوبهم ودول المنطقة.

  سياسي عراقي مستقل