تسول الأطفال في العراق ظاهرة اجتماعية مقلقة
مها العدواني
تعد ظاهرة تسول الأطفال في العراق واحدة من التحديات الاجتماعية والإنسانية التي تواجه المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة ، تفاقمت الظاهرة نتيجة للأوضاع الاقتصادية والسياسية المعقدة التي مر بها العراق منذ عقود، مما أثر بشكل كبير على استقرار العائلات ومستوى المعيشة .
أسباب الظاهرة
تعود ظاهرة تسول الأطفال في العراق إلى مجموعة من الأسباب المركبة ، أبرزها
الفقر والبطالة : يعاني العراق من معدلات فقر مرتفعة بسبب الحروب المتكررة وسوء إدارة الموارد الاقتصادية ، مما يدفع العائلات الفقيرة إلى إرسال أطفالها للتسول كوسيلة للحصول على الدخل .
النزاعات والحروب : تركت النزاعات المسلحة العديد من الأطفال يتامى أو بدون معيل ، مما دفعهم إلى الشوارع للبحث عن سبل العيش .
تفكك الأسرة : أدى التفكك الأسري وزيادة حالات الطلاق إلى ترك الأطفال بلا رعاية أو رقابة ، مما جعلهم عرضة للاستغلال .
غياب الرقابة القانونية : ضعف تطبيق القوانين المتعلقة بحماية الطفل ساهم في استمرار الظاهرة وانتشارها .
الآثار المترتبة
تؤثر ظاهرة تسول الأطفال بشكل سلبي على المجتمع وعلى الأطفال أنفسهم ، ومن أبرز هذه الآثار :
تدهور المستوى التعليمي : الأطفال المتسولون غالباً ما يحرمون من التعليم ، مما يعيق فرصهم ببناء مستقبل أفضل .
الاستغلال والانتهاكات : قد يتعرض الأطفال العاملون في التسول لأشكال مختلفة من الاستغلال ، سواء الجسدي أو النفسي أو الاقتصادي .
زيادة الجريمة : يؤدي انتشار هذه الظاهرة إلى تعزيز بيئة خصبة للجريمة ، حيث يتم استغلال الأطفال في أنشطة غير قانونية .
تشويه صورة المجتمع : ينعكس انتشار المتسولين في الشوارع بشكل سلبي على صورة المجتمع أمام العالم ، مما يعزز من فكرة انعدام الأمان والاستقرار .
الحلول المقترحة
لمواجهة ظاهرة تسول الأطفال في العراق، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الفعالة على عدة مستويات :
تعزيز البرامج الاجتماعية : يجب توفير برامج دعم للعائلات الفقيرة تشمل المساعدات المالية والتعليمية لضمان عدم دفع الأطفال إلى الشوارع .
تفعيل القوانين : تطبيق القوانين التي تجرم استغلال الأطفال في التسول وتعزيز دور المؤسسات الرقابية وقد تناول قانون العقوبات العراقي المرقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ التسول في المواد (٣٩٠،٣٩١،٣٩٢) واذا تم تفعيل ماورد في الماده (٣٩١) واعطي فيها جواز للمحكمة تبديل العقوبة الى الايداع لمده لاتزيد على سنه في دار للتشغيل او يودع لدى ملجأ او دار للعجزة او مؤسسة خيرية معترف بها اذا كان عاجز وغير قادر على العمل، فاذا لم يكن من الممكن القضاء على اسباب التسول فاضعف الايمان تفعيل هذه المادة ، وايضا تناول قانون الاحداث المرقم ٧٦ لسنة ١٩٨٣ في الماده ٢٤ /فقره ١، التسول .
التعليم والتوعية : رفع مستوى الوعي لدى العائلات والمجتمع بأهمية حماية الأطفال وضمان حقوقهم الأساسية.
الشراكة مع المنظمات الدولية : يمكن للمنظمات الإنسانية الدولية أن تلعب دوراً مهماً في تقديم الدعم المادي واللوجستي لمعالجة الظاهرة.
إنشاء مراكز تأهيل : توفير مراكز لإعادة تأهيل الأطفال المتسولين وتأمين تعليمهم ورعايتهم الصحية .
وفي الختام فان ظاهرة تسول الأطفال في العراق مشكلة معقدة تعكس أزمات اجتماعية واقتصادية عميقة ، الحلول لهذه الظاهرة تتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية ، إن إنقاذ هؤلاء الأطفال من حياة الشوارع لا يتعلق فقط بحماية حقوقهم ، بل استثمار في مستقبل العراق ككل ، إذ يمثل الأطفال الركيزة الأساسية لبناء مجتمع قوي ومستقر .
قاضي متقاعد