الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
آيا صوفيا التحفة المعمارية الأبرز في العالم

بواسطة azzaman

مشاهدات من إسطنبول (1)

آيا صوفيا التحفة المعمارية الأبرز في العالم

رعد أبو كلل الطائي

 

يستلقي مجد آيا صوفيا بخيلاء على شطر إسطنبول التأريخية شامخاً كرمز للحضارة البيزنطينية والتأريخ الإسلامي التركي ويحتضن هذا المسجد سجلات زمنية تعود إلى حقب السلطان محمد الفاتح ويروي بناؤه قصص الانتصارات والفن المعماري الذي تفرد به عبر العصور وما بين الجدران المهيبة والقباب العاليات يلامس آيا صوفيا المؤمنين وعشاق الجمال على حد سواء تحتضنه قلب إسطنبول بين ثناياها جاعلة منه معلماً نابضاً بالحياة ومكاناً للشهود على تلاقح الحضارات والثقافات وعظمة الإرث الإنساني كما يُعد المسجد رمزاً تأريخياً لمدينة إسطنبول وجزءاً لا يتجزأ من الهوية التركية وظل مسجد آيا صوفيا المسجد الرئيسي في إسطنبول منذ تحويله إلى مسجد حتى بناء جامع السلطان احمد القريب منه والمعروف بالمسجد الأزرق في عام 1616م .

         قُبة معلقة

آيا صوفيا أو مسجد آيا صوفيا عُرف في العصر العثماني بأسم الجامع الكبير الشريف لآيا صوفيا وكان في العصر البيزنطي يُسمى كنيسة آيا صوفيا التي تعني كنيسة الحكمة الإلهية وهو مبنى تأريخي للعبادة يقع على الضفة الأوروبية في مدينة إسطنبول أُنشئ في عام 537م في العصر البيزنطي ليكون كاتدرائية للبطريركية المسيحية الأرثدوكسية ثم تحول إلى كاتدرائية رومانية كاثوليكية في 1204م وكان في البداية يُعد اكبر مبنى في العالم واستخدم فيه قُبة معلقة بالكامل واُعتبر المبنى جوهرة العمارة البيزنطينية وبأنه اعظم من جميع الكنائس في العالم .

لمسات معمارية

وبعد فتح القــــــــــسطنطينية (إسطنبول) في عام 1453م تحت راية الفتح العثمانية بقيادة السلطان محمد الثاني الذي لُقب بالفاتح تحول إلى مسجد عثماني وأمر برفع الآذان في الكنيسة إيذاناً بجعلها مسجداً جامعاً ومع الوقت اُضيفت السمات واللمسات المعمارية الإسلامية لآيا صوفيا مثل المنبر وأربعة مأذن والمحراب وظل المبنى مسجداً قرابة 500 عامٍ والمسجد الرئيسي في إسطنبول منذ تحويله حتى بناء جامع السلطان احمد القريب منه والمعروف بالمسجد الأزرق وبعد قيام الجمهورية التركية العلمانية بقيادة اتاتورك تحول إلى متحف في عام 1935م واُطلق عليه متحف الجمهورية الوليدة واعتباراً من عام 2014 كان يُعد ثاني اكبر المتاحف وأخيراً اُعلن عن إعادته مسجداً اعتباراً من تموز عام 2020م .

زيارة ميدانية

وللأطلاع على هذا الصرح والمعلم الحضاري المعماري في إسطنبول أجرينا جولة ميدانية للمسجد لمعرفة المزيد عن هذه التحفة والرمز الثقافي وايقونة الحضارة البيزنطينية الإسلامية انطلقتُ من منطقة با يزيد إلى المسجد سيراً على الاقدام وبعد حوالي ربع ساعة لمِست قدماي مكان آيا صوفيا ومن بعد تخطي طابور التذاكر الطويل راودني شعور كأني في الجنة ليس فقط بسبب النسيم العليل ولكن بسبب الأشجار المورقة بالمكان وروائح الزهور والياسمين الزاهية والأحراش الخضراء التي تملأ المكانه فضلاً على أنواع الرخام الضخم المنتشرة والأحجار المميزة وبعد السير قليلاً في هذه الروضة المورقة زاهية الألوان الرائعة الجمال ستجد نفسك داخل المسجد وما به من لوحات رائعة ونقوش مميزة بكتابات لا مثيل لها وأصبح هذا لغزاً حير الكثيرين من الزوار بسبب الإختلاف الحضاري والثقافي الغريب الذي تضمه بين ارجائها .. فيمكنك مشاهدة صورة السيدة مريم العذراء تحتضن السيد المسيح يقابلها الآيات القرآنية التي تُزين الأرجاء في تداخل ثقافي مبهر في حين تحمل جدران المسجد صوراً لرحلة العائلة المقدسة وآيات من القرآن الكريم وبعض اسماء الرسول صلى الله عليه وسلم علاوة على ان الجدران مملوءَ بالفسيفساء الدقيقة والمبهرة غاية في الروعة والجمال كما إن القباب الذهبية هي الأخرى واحدة من الأشياء التي تُميز المكان بمزجها بين الطراز المسيحي والإسلامي .

وشُيدت في زمن  السلطان احمد ست لوحات دائرية ضخمة مستديرة معلقة زينت جانباً من جدران  المسجد من الداخل كُتب عليها لفظ اسم الجلالة وأسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وسبطي الرسول الكريم الحسن والحسين عليهما السلام .

تسعة أبواب

وبُني المسجد من الحجر مع تطعيمات مفصلية من الطوب والبلاط وجاء تصميم الجدران من ألواح من الرخام وزُينت السقوف بمناظر من الفسيفساء ويحتوي المسجد على تسعة أبواب منتشرة في كافة أطرافه وبابه الكبير يقع في جهة الغرب ولا يؤدي مباشرة إلى صحن الجامع الداخلي فيما يصل ارتفاع القبة الواحدة به إلى 55 متراً ويمكن الوصول إلى الطابق العلوي للمسجد عن طريق سرداب ممتد لمشاهدة اروع التصميمات البيزنطينية والعثمانية .

حملة الترميمات

وشهد المسجد عمليات ترميم وإصلاح واسعة في أوقات مختلفة فتم تعزيز الجدران الجانبية التي تحمل القبة لمنعها من الانهيار وتعرض المبنى إلى حرائق وبعد أخر حريق  قضى على المبنى للمرة الثانية اُعيد بناؤه وامتدت مدة بنائه من عام 532م لغاية 537م ووظف اكثر من عشرة آلاف شخص للعمل في بناء الكنيسة .كما جرى ترميم المسجد بين عامي 1847م و1849م في عهد السلطان عبد المجيد وتم كشف الفسيفساء في القسم العلوي واستبدال الثريات الضخمة وتقويم الأعمدة وإضافة زخارف داخلية وخارجية وبُنيت المدارس والحمامات والمكتبات والعمارات والنافورة والمدرسة الابتدائية والمباني العامة وإنشاء دار للوقف وقصر للمقابلات الخاصة ومقصورة للسلطان حتى تحولت إلى مجمع تركي عثماني كبير بدعم من السلاطين وأخذت آيا صوفيا شكلها الهندسي النهائي بارتفاع 100 متر وقبة طولها 55 متراً وقطرها 30 متراً .

حمام حريم السلطان

وبعد هذه الجولة التأريخية بين جنابات المسجد والمتحف العريق الذي احتوى على مجموعة من القطع الآثارية التي تم بناؤها ومنها عموداً مطلياً بالبرونز وتماثيل نصفية وأسلحة مختلفة وأيقونات مهمة تحكي عن التأريخ العريق لحكم حقبة الدولة البيزنطينية وحقبة حكم الدولة العثمانية الإسلامية هناك ما عليك إلا الإستمتاع والراحة فحمام حريم السلطان الذي يعود إلى زوجة السلطان سليمان القانوني والذي سميّ بأسمها سيفي بالغرض لِما يقدمه من خدمات واسعة وأصبح مقصداً للمشاهير والسياح من كل مكان وهو من أرقى وأهم الحمامات في تركيا قاطبةً .

 


مشاهدات 377
أضيف 2024/05/29 - 4:10 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 2:17 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 297 الشهر 11421 الكلي 9361958
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير