التسول السياسي
حامد الزيادي
وسط حمى الأنتخابات والتنافس غير الشريف الذي فسح المجال للمتسولين من النزول للساحة لإستجداء الأصوات وكسب الناخبين بالوعود والشعارات الزائفة بعد فشل مخططاتهم في التاجيج الطائفي والصراع الداخلي، ومن أجل تدوير أنفسهم من جديد عبر العملية السياسية العرجاء ومحاولة ملء صناديق الأنتخابات بالأوراق الانتخابية لإضفاء الشرعية على إنتخاباتهم ، نجد اليوم تفشي ظاهرة (التسول السياسي) الذي يُعرف التسول انه سلوك يقوم به شخص بطلب المال أو الطعام أو المساعدة من الآخرين، باستخدام طرق مختلفة مثل استدرار العطف أو عرض خدمات بسيطة، وما نراه من فعل المتسول بالخداع والتحايل والمكر من أجل تحقيق الغاية الرخيصة، حتى أصبحت ظاهرة شائعة ومتفشية بسكب ماء الوجه وهتك الكرامة واسترخاص النفس،وامام تعدد أنواع التسول وتطور أشكاله وبين التوسل والتسول اختلطت الأوراق واهتزت المعاني عندما فقدت البوصلة اتجاهها لغياب الضابطة التي تحدد وتنظم المسارات، فكل عمل لا يخضع لقاعدة قانونية او سلوكية صحيحة يحفظ الحقوق ويصون الكرامة ممكن أن ينحدر به الحال نحو التوسل ومن ثمه التسول لكسب المال أو الجاه أو المنصب أو الرضا، وعندما نتابع المشهد السياسي اليوم الذي يفتقد لضابطة تنظم عمله وتحدد واجباته وتزيل الحواجز بين المواطن والمسؤول ويعرف كل طرف مسؤلياته قطعا سندخل في نفق النفاق والتخندق وشراء الذمم والتغرير والتجهيل ويصبح السياسي متسول يستجدي الأصوات لكسب الكوتا ولن يتردد عن فعل المستحيل لتحقيق غايته باستخدام المال السياسي الحرام فمخرجات هذا المال هو إرتكاب المعاصي والأجرام ، فكل مشروع سياسي نابع من مصالح الطبقة السياسية وخاضع لإملاءات الدوائر الاستخباراتية الذي يهمش رأي الشعب ويستغفله بشعارات التغيير والوعود والأحلام من أجل ادامة سطوته ومد سلطته فهو لا يتناهى عن كل خطوة تجعله في صدر القرار، وما قرار الانتخابات إلا شكل من أشكال دعم حكمهم وترسيخ نفوذهم ومكمل لمشروعهم السياسي الذي خدمهم ولم يخدم الشعب فكل الطرق والاساليب لديهم مباحة للتشبث بالسلطة عندما جعلوا من (الديمقراطية) أداة نزعوا منها وسائل الإمان والسلامة وافرغوها من محتواها الضامن لحكم الشعب كما هو معلوم. وما نراه في المواسم الانتخابية خير شاهد على ظاهرة (التسول السياسي) عندما يغيب المشروع للبرنامج الأنتخابي والمشروع السياسي الذي يشخص العلل ويضع العلاجات مما يجعله يلجأ لاساليب الخداع والتحايل والأستجداء ويجعل من نفسه متسول لا هم له سوى تحقيق مصالح شخصية ومنافع مالية سرعان ما يتنصل من وعوده وعهوده لشعبه ليتحول الى سوبر متسول يبحث عن الطبقة السياسية الأعلى يمارس معها الاستجداء وكسب الولاء لعقد الصفقات التي تحقق له المال والقرار والنفوذ تجعله يعيد صياغة القوانين بما يتوافق مع ادامة حكمه وإقصاء المنافسين له كي تخلو له الساحة فيحلوا له المقام ويعيد طرح نفسه كرمز سياسي يتزعم المتسولين من حوله وهكذا تدور العملية كل أربعة أعوام بين التسول والتوسل والشعب يعيش الهم والألم يتوسل بالمتسول كي يعطية من فتات خيره في أكبر عملية استغفال وسخرية تحت أنظار ورعاية الأمم المتحدة التي أصبحت شاهد زور على ما يدور!! والذي يحصل اليوم في حملات الانتخابات من خروق ومخالفات لم يضع لها القانون حد واضح يحافظ على نزاهتها وشفافيتها ومهنيتها فلا فرصة تسمح لصاحب المشروع السياسي الشريف أن ينافس المال السياسي والأعلام السياسي والقرار السياسي الذي مكن الطبقة السياسية الحاكمة من إعادة تدوير نفسها من جديد،