سفراؤنا واللغة الأم
وفاء داود الصفار
اعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين عن خطة الوزارة لتأهيل السفراء الجدد من خلال دورات تدريبية مكثفة قبل بدء مهامهم الدبلوماسية وعددهم 73 سفيرا ..
ورغم ان الإعلان لم يتضمن مواد الخطة والمواضيع التي ستتضمنها لكن أرى ان على الوزارة الانتباه الى ظاهرة جديدة بدأت تتكشف لدى رؤساء بعثاتها في الخارج وهي ضعف اللغة الام المعتمدة رسميا حسب الدستور لدى عدد غير محدد من السفراء حيث وصل الامر الى عدم القدرة على القراءة الصحيحة بل ان احدهم «وهو مندوب العراق الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة « قد ظهر امام مجلس الامن وهو غير قادر على قراءة ما كتب له من مواقف واراء فكيف سيتسنى للاخرين ان يفهموا ما الذي يريد قوله سعادة السفير الذي اعلن قبل أيام عن إصداره كتابا باللغة الإنكليزية وكان عليه ان يجيد لغته الام كتابة ونطقا قبل ان يتباهى بكتابه الجديد..
واذا كان البعض يعذره بانه من القومية الكردية فان العشرات بل المئات من إخواننا الكرد الفوا الكتب وواصلوا الكتابة بلغة عربية يعجز عن النطق بها حتى أبنائها ودارسيها ولن انسى الوزير ورئيس تحرير صحيفة التآخي الراحل صالح اليوسفي الذي كان يبهر القراء بجميل لغته وتمكنه من اسرارها ومعانيها ومن المعاصرين كتاب جريدة الزمان كفاح محمود وفاضل ميراني والإعلامي والصحفي عبد الله عباس ..
وشاءت الصدف ان احضر يوم السبت الماضي الرابع من الشهر الجاري الحفل الضخم والرائع الذي أقيم في اكسبو دبي تحت عنوان « الامارات تحب العراق « الذي بدا بكلمة للشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش في دولة الامارات العربية المتحدة الذي يوصف في أوساط الجالية العراقية في الامارات وانا اشاركهم في ذلك بانه الصديق الوفي للعراق والعراقيين عبر فيها عن مشاعر الاخوة الصادقة التي يكنها شعب الامارات لشقيقه الشعب العراقي واستعرض حضارة العراق منذ القدم وفضلها على البشرية ..
ورغم ان الكلمة مرتجلة لكنها كانت غنية بمعانيها ومفرداتها وكان القاء الشيخ نهيان مبهرا جلب انتباه من كان موجودا في قاعة الاحتفال من حيث الالتزام بقواعد النحو والصرف واعقبه السفير العراقي لدى دولة الامارات الدكتور مظفر مصطفى الجبوري بكلمة تضمنت أرقاما موثقة حول مستوى التبادل التجاري المتنامي بين الامارات والعراق الذي يعود بجانب كبير منه الى دور السفير الحالي إضافة الى ما يذكره أبناء الجالية عنه من رعايته لهم والعمل على حل مشاكلهم ومعوقات حياتهم ..
لكن الشيء المؤسف ان الكثير من هذه الصفات والمزايا التي يتمتع السفير الجبوري قد ضاع بسبب الأخطاء اللغوية والنحوية عند القاء كلمته وكنت أتمنى لو عرضها على متخصص باللغة العربية ليقوم بتشكيلها لتنسجم مع مكانته وكفاءته كسفير اسهم كثيرا في تطوير العلاقات مع دولة الامارات العربية المتحدة ..
ان ظهور السفير ورئيس البعثة الدبلوماسية وهو يتحدث بلغته الام بسلاسة وعفوية وقدرة على إيصال أفكاره واراء دولته الى المقابل يكون قد ضمن بذلك النجاح الكامل في أداء مهمته وخدمة بلاده وسجل حضورا قويا في أوساط الدبلوماسيين العاملين معه وهي مهمة يقوم الشخص المعني بتبنيها وتنميتها من خلال عملية تثقيف ذاتي مستمرة ومتواصلة لذا أرى ان من الضروري مراعاة ذلك عند اختيار الدبلوماسيين وخاصة السفراء وعدم الاكتفاء باجادة احدى اللغات الحية بل التأكد من اجادته لغته الام كتابة وقراءة قبل كل شيء ..
□اعلامي مقيم في دبي