حقيقة التحالف الصهيو – أمريكي والعرب قراءة معاصرة في ضوء احداث فلسطين
عبد الرحمن التميمي
المخطط الصهيو - أمريكي يعد موضوعًا حساسًا ومهمًا في العلاقات الدولية، خاصة في سياق الصراع العربي – الصهيوني منذ عام 1948 حتى حرب غزة 2025، ويرى البعض أن هناك تعاونًا وثيقًا بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ويشكل الأساس للعديد من السياسات والتحركات في المنطقة.
نعم هذا الصراع الطويل الذي لم تبان له نهاية منذ بدايته في التاريخ المذكور أعلاه والولايات المتحدة الأمريكية تدعم وتلتزم بحماية الكيان المغتصب للأرض العربية الفلسطينية، كان العرب بداية استقلالهم ونشوء جامعتهم (جامعة الدول العربية عام 1945) والسيادة العربية التي كانت عكس ما هو عليه اليوم، افضل موقفاً من اليوم كانوا ينددون ويشجبون ويستنكرون واليوم تجرد العرب حتى من التنديد والشجب والاستنكار، تجرأ الصهاينة وأعلنوا دولتهم في 15 أيار/ مايو عام 1948 والتي رفضها العرب رفضاً قاطعاً بل تصدوا لها، لكن الدعم الأمريكي كان حاضراً ومخططاً لكل تحرك من تحركات الصهاينة ضد العرب، والحرب التي خاضها العرب ضد الصهاينة (حرب فلسطين) لم تجني إلا الخيبة كون التخطيط منعدماً بين العرب بل تفاجئوا من اعلان الدولة الصهيونية ، إلا أن الحرب انتهت لصالح الصهاينة وتشتيت قوة العرب آنذاك، وصولاً إلى العدوان الثلاثي على مصر 1956 القلب النابض للعرب أي مصر العرب ولم تتوسع الحرب عربياً بقدر ما ثبت لنا ان التحالف الحاقد الأمريكي مع الكيان الغاصب قوياً ومع ذلك صمدت مصر تجاه التحالف الطامع المغتصب ونتج في النهاية انتصار التحالف الصهيو – أمريكي عسكرياً ومصر سياسياً كان ذلك بدهاء القادة المصريين وتخطيطهم الناضج، وصولاً لنكسة حزيران/ يونيو 1967 التي كررت الصهيونية هجومها على العرب وضربت المطارات المصرية والاردنية والسورية وحطمت طائراتهم وأحبطت منذ البداية القوات العسكرية العربية وهنا يتأكد بأن الدعم الأمريكي كان حاضراً وبقوة للكيان المغتصب.
أما حرب السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 1973 فكانت يومها شيئاً مختلفاً إذ أعادت هذه الحرب شيئاً قليلاً من هيبة وسيادة العرب، ونالت القوات العربية من العنفوان والغطرسة الصهيونية ولو شيئاً قليلاً، ولولا الجسر الجوي الذي ساعد فيه الجانب الأمريكي الصهاينة لكانت الكيان الغاصب ليس كما هو عليه الآن، ولكن لم يواصل العرب تحديهم ووقوفهم والاحتفاظ بما حققوه من انتصار بل ذهبوا إلى عقد اتفاقيات سلام مع الكيان الصهيوني بل تسارعوا الواحد تلو الأخر (اتفاقية فض النزاع بين مصر والكيان الصهيوني، ومثلها مع سوريا) واتفاقية كامب ديفيد 1978، ومعاهدة السلام المصرية – الصهيونية 1979، هذه الاتفاقيات المذلة التي فتحت الأبواب للكيان الصهيوني الدخول بأريحية للمنطقة العربية بعد أن كان محاصراً في الأراضي الفلسطينية فقط، صار الكيان الصهيوني بدعم عالي جداً من الولايات المتحدة الأمريكية تستقطب الدول العربية إلى جانبها الواحدة تلو الأخرى، وبالفعل بدأت الدول العربية تتوافد وتقف بالدور للتطبيع مع الكيان المغتصب، لا بل مشاريع واتفاقيات سلام حصلت في ثمانينيات القرن العشرين مع الكيان المتغطرس، ولا ننسى انتفاضة الحجارة 1987 في فلسطين ضد الكيان الصهيوني المدعوم أمريكياً، وصولاً إلى مدريد وما احتوته من مؤتمر عام 1991 جمع العرب مع الكيان المغتصب سوريا، ولبنان، وفلسطين وختم المؤتمر باتفاقية أوسلو 1994، وانهالت بعد ذلك الاتفاقيات طابا والقاهرة وكامب ديفيد حتى انتفاضة الأقصى عام 2000 ضد الكيان الصهيوني.
بدأ القرن الواحد والعشرين الأسود على العرب وبدأت معه أحداث الربيع العربي في تونس الخضراء، وجمهورية مصر العربية، والجمهورية الليبية، واليمن السعيدة، ولا ننسى هذه الأحداث وراءها التحالف الصهيو – أمريكي الذي طال الدول العربية وثرواته وهويته وسيادته وكل القيم والعادات والتقاليد العربية الأصيلة، هدفهم اضاعتها وابدالها بالديمقراطية المزيفة التي لم يستخدموها في بلدانهم بل اعدها مزيفة ولا فائدة منها غير ضياع العرب بأجياله، وصار التحالف الصهيو – أمريكي يصول ويجول في الساحة العربية لا بل يختارون من يريدونه من الأشخاص الذين يلبون مصالحهم وتوجهاتهم أياً كانت.
من ضمن ويلات تحالفهم الأسود والقذر جلبوا لنا في العراق داعش الذي استباح محافظات عراقية بالكامل وجندوا اشخاص دمروا بهم البلاد، وفتحوا الحدود مع دول الجوار ولم يجعلوا الاستقرار يعم في البلاد واستمروا في نشر الفوضى وكل ذلك بدعم مشترك بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية.
أما عن الأحداث الجارية الآن في غزة والمجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الأطفال وكبار السن والنساء وحتى الحيوانات اجلكم الله لم يخلصوا من بطشهم وطغيانهم لا بل ضربوا الإنسانية وهدموا البنايات وتبين حتى الآن غايتهم وهدفهم السيطرة على غزة العز والصمود بالكامل وضمها لهم ولاحتلالهم القذر، ضربوا كل المواثيق الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان عرض الحائط ولم يعروا أهمية للموقف العالمي بل ضلوا يدمروا ويعتقلوا ويقتلوا بالفلسطينيين ولا من محاسب ومراقب غير الله جل في علاه، كل ذلك بدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية، واشهد والتاريخ ايضاً على أن الفلسطينيين صمدوا وصبروا ليس فقط تجاه ما يفعله الكيان الغاصب بل تصدوا للدعم الأمريكي للكيان السياسي والعسكري والاقتصادي وأصبحت الحرب الصهيو – أمريكية تجاه فلسطين الذين لا يمتلكون السلاح ولا العدة ولا حتى دعم خارجي بل أن صبرهم واحتسابهم بالله وايديهم الذي بدأت تؤلمهم من البحث بالبيوت المهدمة بحثاً عن الشهداء من ابناءهم، والطامة الكبرى أن الصهاينة الأوغاد لم يواجهوا الفلسطينيين وجهاً لوجه بل محاربتهم واعتدائهم بالسلاح الجوي لا بالمواجهة البشرية، وهذا ما جعل الدمار يحل في غزة.
أما الدول العربية في هذه المرحلة اكتفت بالسكوت الجذري ولا دفاع عن غزة الصمود وفلسطين بالكامل واصبح الصراع الصهيو – أمريكي من جهة وفلسطيني من جهة أخرى دون ذكر للعرب في الموضوع، والسؤال الذي يتبادر للذهن عند الكثير من الوطنيين من العرب ؟ هل سكوت القادة العرب هو خوفاً من الجانب الأمريكي أم حفاظاً على مصالحهم ... الجواب: هو الاثنين مع بعض خوفاً على مصالحهم في الأول والأمريكان الذين يحمونهم ثانياً بل يحمونهم ويحمون اكثر الصهيونية، وأرى ذلك ضحك على الذقون، وما التجمعات العربية الأخيرة في العراق وقطر ومصر وأماكن أخرى إلا لإسكات الشارع العربي، ولكن ربما الشعوب العربية كذلك أصابها احباط من قادتها وحكامها بل نستطيع القول أصابها عدوى ايضاً كونهم سكتوا وابتعدوا عن مناصرة القضية الفلسطينية ولو بمظاهرة مؤيدة، ونستذكر قول السيدة كولدا مائير (1969-1974) عندما قالت: (العرب أمة نائمة) بالفعل وأؤكد لها أنها نائمة، كل ذلك صب ويصب بصالح الكيان الصهيوني على نحو خاص والجانب الأمريكي على نحو عام.
اما عن الصحوة العالمية أي اعتراف الدول الأوربية بدولة فلسطين ما جاء من فراغ بل كذلك لإرضاء شعوبهم الانسانيين اكثر من الشعوب العربية، هذا يبين لنا أن شعوب أوربا تنعم بالأمن والسلام والحرية والعدالة والمساواة وبعيدين كل البعد عن العنف والكراهية وملتزمين بالنظام والقانون ومتنعمين بالأمن والأمان، وما هذا العنف الذي بان أمامهم من الصهيونية ضد الفلسطينيين إلا وتحركت مشاعرهم وانسانيتهم وبدأوا يحسون وقادتهم وحكوماتهم بأن الخطر سيداهمهم من الصهيونية لا بل سيقتحمهم بعد القضاء على غزة وفلسطين بشكل عام وهذا جزء من الهياج العالمي ضد الصهاينة وغطرستهم اللاإنسانية وغير العادلة.
لا يسعني في النهاية إلا القول للآسف أن البعض من القادة العرب حتى اليوم يترجون من الولايات المتحدة الأمريكية أن تحل القضية الفلسطينية وتوقف الحرب الصهيونية على غزة وفلسطين عامة، وأنا أقول واهم كل من يضن أن الأمريكان سيرحمون بغزة ويستطيعون اجبار الصهاينة من إيقاف الغطرسة والعنف الصهيوني ضد اخوتنا في فلسطين بل هم شركاء لابل شركاء اصليين للصهاينة واجزم ان الأخيرة هي من تتحكم بالقرار الأمريكي والجانبين الصهيونية والأمريكي هم مغتصبين لأرض هي ليس لهم بالأساس وواحدهم يدافع عن جريمة الأخر والاثنان يجرمون اليوم بحق العرب والشرق الأوسط بالكامل، وهذا يجعلني أتذكر دائماً مقولة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (1952-1970): (ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة).
((نعم للحق وكلا للباطل – وتمنياتنا بالأمن والأمان للعالم على نحو عام وبلدنا العراق على نحو خاص)).