العراق بين تحديات الواقع وإمكانات الإصلاح السياسي
بين الإصلاح الداخلي والضغوط الخارجية
مقدمة ورأي
من موقعي الفكري والسياسي أؤكد أنني مع استمرار العملية السياسية القائمة بشرط أن تقترن بإصلاحات جادة وحقيقية، وأرفض رفضًا قاطعًا أي تغيير قهري أو انقلاب يعيد العراق إلى الديكتاتورية أو التبعية الخارجية. فالديمقراطية، مهما اعترتها من عثرات، تبقى أرحم من الاستبداد وأقرب إلى تحقيق العدالة.
كما أنني أرفض تمامًا تغليب المصالح الحزبية أو القومية أو المذهبية على حساب مصلحة المواطن العراقي، فالعراق وطن للجميع وليس غنيمة لفئة أو حزب. ومن الضروري وضع حدّ لجميع أشكال الفساد المستشري ومحاسبة الفاسدين بأشد العقوبات وفق القانون، لأن العدالة لا تستقيم إلا بمواجهة من نهبوا ثروات البلاد وضيّعوا حقوق العباد.
أولاً: ملامح الواقع العراقي
1. الأزمة السياسية البنيوية: العملية السياسية تأسست على مبدأ "المحاصصة الطائفية والقومية"، ما أدى إلى تفتيت القرار الوطني وتوزيع السلطة بين قوى تبحث عن النفوذ أكثر من المصلحة العامة.
2. الفساد الإداري والمالي: تحول الفساد إلى ظاهرة ممنهجة تهدد الاقتصاد الوطني، وتعيق التنمية والخدمات الأساسية.
3. الانقسام الاجتماعي وضعف الثقة: غياب العدالة في توزيع الثروات والفرص أدى إلى شعور قطاعات واسعة من الشعب بالتهميش، مما عزز مناخ الاحتجاجات وعدم الاستقرار.
4. التدخلات الأجنبية: التنافس الإقليمي والدولي جعل العراق ساحة صراع بالوكالة، ما يضعف استقلالية قراره السيادي.
ثانياً: سبل استمرار العملية السياسية
استمرار التجربة الديمقراطية في العراق مرهون بقدرة النخبة السياسية والمجتمع المدني على حماية العملية السياسية من الانهيار عبر:
1. تعزيز مبدأ الدولة المدنية.
2. تطوير النظام الانتخابي.
3. إعادة بناء الثقة الشعبية.
4. تقوية مؤسسات الرقابة والقضاء.
ثالثاً: الإصلاحات المطلوبة لضمان الحقوق
1. إصلاح اقتصادي شامل.
2. عدالة اجتماعية.
3. تمكين الشباب والمرأة.
4. تعزيز الهوية الوطنية.
رابعاً: الخلاص من التدخلات الأجنبية
1. سياسة خارجية متوازنة.
2. تعزيز الاستقلال الاقتصادي.
3. بناء منظومة دفاع وطنية مستقلة.
4. تفعيل الدور الشعبي والبرلماني.
خاتمة
إن التجربة العراقية ما زالت رغم عثراتها تحمل بذور النجاح إذا ما توفرت إرادة سياسية جادة ورؤية إصلاحية شاملة. فاستمرار العملية السياسية لا يعني القبول بالوضع القائم، بل يستوجب إصلاحات عميقة تؤسس لدولة عادلة قوية، تضمن حقوق جميع مواطنيها بلا استثناء، وتتحرر تدريجياً من دوامة التدخلات الأجنبية.
وعليه أؤكد مجددًا أن موقفي هو: التمسك بالعملية السياسية مع إصلاحها، رفض أي شكل من أشكال العودة إلى الديكتاتورية أو التبعية، ورفض تغليب المصالح الحزبية والقومية والمذهبية على حساب العراق والمواطن العراقي، والمطالبة الصارمة بمحاسبة الفاسدين بأشد العقوبات وفق القانون. فبغير العدالة والمساءلة، لا يمكن بناء دولة المواطنة ولا يمكن أن يرى العراق مستقبلاً مستقراً ومزدهراً.
---
مقترحات عملية (خارطة طريق إصلاحية)
1. إقرار قانون موحّد لمكافحة الفساد مع محاكم خاصة مستقلة للفاسدين.
2. إصلاح قانون الانتخابات بما يضمن تمثيلًا عادلًا وفتح المجال أمام القوى الشبابية والمستقلة.
3. توحيد السلاح بيد الدولة وحصره بالقوات المسلحة الشرعية.
4. إطلاق برنامج وطني للتنمية الاقتصادية يركز على الزراعة والصناعة إلى جانب النفط.
5. تعزيز دور المجتمع المدني والإعلام الحر في الرقابة الشعبية.
6. إعادة صياغة المناهج التعليمية والإعلامية لترسيخ قيم المواطنة والهوية الوطنية.
---