الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أهمية تأثير دانينغ كروجر للمحامي

بواسطة azzaman

أهمية تأثير دانينغ كروجر للمحامي

وليد عبد الحسين

 

اقتنيت من معرض بغداد الدولي للكتاب، المنعقد خلال شهر أيلول المنصرم من هذا العام، عدة أعداد من مجلة الثقافة العالمية الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، وقرأت مقالًا مهمًا وأراه مفيدًا لنا كمحامين في العدد (222) عدد المجلة لشهر ديسمبر عام 2024، عنوان المقال «ديفيد دانينغ: التغلب على فرط الثقة»، وهو عبارة عن دراسة صادرة عام 1999 لعالم النفس الاجتماعي في جامعة ميشيغان الأمريكية ديفيد دانينغ مع زميله جاستين كروجر من جامعة نيويورك.

مفاد هذه الدراسة أن هناك «حالة مقلقة من التحيز المعرفي تعترينا جميعًا؛ إذ ينزع أصحاب الخبرة المحدودة في مجال ما إلى المبالغة في تقييم حجم ما يعرفونه، ولدى كل منا فجوة ما في حيز خبراته. قد يفسر ذلك الانفصال سبب لجوء بعض المرضى إلى الحكيم غوغل، طلبًا لتشخيصات منزلية لمشكلات صحية معقدة في المنزل... والأفراد غير المختصين في موضوع ما يفتقرون إلى الخبرة الجوهرية اللازمة لإدراك محدودية معارفهم. يراودنا، عاجلًا أم آجلًا، تأثير دانينغ-كروجر: مخترقًا مكامن قصورنا الخفية عنا، ولكي تعرف أنك لا تعرف، فعليك أن تعرف شيئًا ما في المقام الأول. الأمر لا يدور حول الغباء العام، بل حول كل واحد منا؛ إن عاجلًا أو آجلًا من الممكن أن تكون شديد الذكاء في مجال معين، لكنك شديد الجهل، كذلك، في مجال آخر. نلتقي كلنا بأناس شديدي الذكاء لا يلحظون قصور حسهم الفكاهي أو مهاراتهم الاجتماعية، كما نلتقي بأناس يعرفون كثيرًا حول الفن وقليلًا عن الطب. لدى كل منا منظومة خبرات، وعند كل منا كذلك مجموعة من المجالات التي علينا ألا نخطو إليها معتقدين أننا نعلم بها ما يعلمه مختصوها.

انتهاك معرفي

نسمي، أنا وصديقي الفيلسوف، ذلك بـ «الانتهاك المعرفي»: إذ إنك تعتدي على ميدان المختص المعرفي. وشهدنا ذلك بكثرة خلال الجائحة، على سبيل المثال بروفيسور القانون الذي لا يعرف إلا القليل عن الأحياء التطورية والرياضيات، قدم نموذجًا تنبئيًا لعدد حالات كوفيد-19 المحتملة في الولايات المتحدة، والتي وفقًا له ستتراوح ما بين الـ 500 والـ 5.000 إصابة. لقد استباح البروفيسور علم الأوبئة؛ وهو جاهل بما لا يعلم... إلخ».

وبصراحة، هكذا دراسة من المهم أن يستفيد منها المحامون المبتدئون بالدرجة الأساس، وجميع المحامين بصورة عامة؛ لأن علم القانون علم واسع ومتعدد الفروع، فقد يبدع أحدنا في فرع القانون الجزائي مثلًا، إلا أنه لا يكون بذات الإبداع والتميز في فرع القانون المدني أو الأحوال الشخصية أو الإداري أو الدستوري وهكذا، وقد نبدع في فرع القانون، إلا أننا نجهل علوم العسكر مثلًا أو اللغة أو التاريخ، لذا ينبغي أن لا يجعلنا فرط الثقة بأنفسنا نعتقد أننا نحمل بكالوريوس القانون وصرنا فقهاء في القانون والسياسة والشريعة والتاريخ والفن والرياضة وهكذا!

وهذا يدعونا أن نعرف قدر إمكانياتنا العلمية ونبقى في حالة تعلم دائمة، بل ولا نخجل من هذا التعلم والتزود من المعرفة، فمنهومان لا يشبعان كما قال أمير المؤمنين علي (ع): طالب علم وطالب دنيا، فيجب أن نشعر شعورًا حقيقيًا أننا طلاب علم منذ ولادتنا وحتى رحيلنا عن عالم الدنيا، وإلا أصابنا تأثير دانينغ-كروجر (دراسة الأستاذين الأمريكيين) اللذين اعتمدا على تحليل استبيانات علمية وأنتجا لنا هذه الدراسة العلمية المفيدة، فجزاهم الله خيرًا.

 


مشاهدات 56
الكاتب وليد عبد الحسين
أضيف 2025/10/04 - 2:00 AM
آخر تحديث 2025/10/05 - 2:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 81 الشهر 2781 الكلي 12042636
الوقت الآن
الأحد 2025/10/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير