الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العاطفة لا تقضي على التأثير في قصائد الشاعرة  ابتسام عبد السادة


العاطفة لا تقضي على التأثير في قصائد الشاعرة  ابتسام عبد السادة

قاسم ماضي

 

العاطفة لا تقضي على التأثير في قصائد الشاعرة " ابتسام عبد السادة " وبالذات في مجموعتها الشعرية  الجديدة " هموم المنافي " وهي لوحات مُعباة بالسواد .

يقول ت.س .إاليوت في كتابه " في التكوين الشعري " ان النقد النزيه والتذوق الرفيع يجب ألا يتجها الى " الشاعر" هذا النوع الخاص من انواع الآلة .وهنا نؤكد ان استعداد الشاعر للاستجابة ، قد يكون فطريا وِجُدَ بوجود العواطف المختلفة في النفس الانسانية الشاعرة ، واذا صحت فطرية العاطفة والغريزة تصح ُ فطرية الاستعداد للاستجابة .

تقول في إحدى قصائدها

أشكو المنافي عن أرضي بلا سبب

                                     واهًأ عراقي زاد الهمُ بالوجد

تجمعت كل رؤاها بعد غيابها عن وطنها ، الذي هدمه البعض من الأشرار، فظلت تحمل هذه الصور الشعرية المتداخلة بالهم اليومي الإغترابي لتعلن وبكل قوة عن هذه الصرخات في هذه الباقة المتكونة من هذا الخزين العاطفي والوجداني و المعرفي الذي يكتنز  في داخل الانسان مع تراكمية تجاربه وتنوعها وبجمالها وقبحها ، ويحلو للبعض ان نسميه التسمية الاغترابية الغامضة او الالهام او لنقل الحدس الراقي .

 وفي قصيدة أخرى تقول

يُصاحبني السهاد بطول ليلي

                             ويرمني إلى بئر سحيق ِ

وفي مستهل هذا الديوان الشعري جاءت كلمة الإهداء في بداية الصفحات لتشعل لنا هذا الحريق الداخلي لهذه الشاعرة المولعة بالفقدان وحب الوطن لتقول

" أقدمه ُ عن روح أخي " طارق عبد السادة " التي لا تفارقني في حلًي وترحالي ، وفي نومي ويقظتي ، أقدمه لعبق ِرُوحك َ الطاهرة ، وإلى وطني الذي يتغلغل حبه في وجداني .

 فمهما أبعدتنا الأحداث إلا إنك تسكن قلبي بنخيلك وفراتك وتاريخيك ، إليكما أهدي ديواني الثاني ص2

 وفي رثاء أخيها تقول

خليل الروح ما أنساك يوما

                        فدِ فؤُك في عروقي من نداك ص6

 ولو يقرأ القارئ العربي هذه المجموعة الشعرية " هموم المنافي " التي صدرت عن دار نشر " مؤسسة الحسيني الثقافية " وهي من القطع الصغير وتقع في 78صفحة ،وجميع هذه القصائد مترجمة من اللغة العربية الى اللغة الانكليزية وضمن  نفس المطبوع .ففي كل بيت مما ورد يحمل صوراً مركبة بلغة اللا وعي ، من شاعرة حملها براق ُ الفتح الشعري ليلهمها بهذا الجمال الابتكاري ، لتعزف لنا على أوتار تجربتها الذاتية الحانا شعرية ذات طبيعة رثائية على ثنائية فقد الاخ والوطن  لا تنفك عنها حتى لا تتحدرج إلى لغة الفوضى وفوضى اللغة .

تقول في احدى قصائدها

أحاور نجمتي وقت الغروب

                             ويسكن طبعكم ليل السواد

وهنا نؤكد قول الشاعرالناقد العربي المصري " سامي ناصف " الذي كتب " تهيئة " في الصفحات الأولى لهذا الديون المعنون " هموم المنافي " وما أثقلها على قلوبنا المليئة بهذ القيح الذي لا ينتهي من أرواحنا المتعبة لغياب الأوطان . وبنت الشاعرة " ابتسام عبد السادة "قصائدها على مشاهد متأخية ، ومن هذه اللوحات عبر رسم الصورة الشعرية في لوحات معبأة بالسواد ، الذي يحول الغناء نحيباً ، بين الحركة والسكون ، في آن واحد ، وتمنع الأضداد صلاحية البقاء في مشهد واحد ، عبر كل هذه المشاهد ، لنبدأ مشهداً آخر وتتوالى المشاهد على مسرح ، وديوان " هموم المنافي " لتمهر توصيل الرسالة بكل جذورها ، فنحن أمام شاعرة تمتلك معجما لغويا ثريا يسعفها وقت الكتابة لتظل داخل التجربة ، فلا تعوزها مفردة لتقهرها فتخرجها من ردهاتها ، فتخسر مناخها ، بل هي والتجربة سواء ص7

واذا اعتلى قلمي لمنبر أحرفي

                               سجدت قوافي نغمة الأشعار ص8

احدهما يتعلق بالعاطفة ، أي الموضوع المتأثر ، والاخر يتعلق بالتأثير نفسه ، فيتم اتصال بين التأثير وبين العاطفة ويصبح بالشكل ، ولو كانت قصيدة "شاعرتنا " لا تنتمي إلى مخيالها وهمومها الواقعية التي عاشتها من جراء هذا الحيف الذي وقع عليها ، لما تراكمت لديها هذه الصور الرائعة ، وهذه اللوحات الشعرية أخرجت لنا لواعج كانت كثيمة ، الإ أنها تفور فوران التنور ، لتضع القارئ الحصيف على فوهتها مع الوحدة العمياء .

تقول في قصيدة بلدي العراق

أشكو المنافي عن أرضي بلا سبب

                                     واهًا عراقي زاد الهم ُ بالوجد ص5

نبقى نجول ونتحرك في عالمها الشعري ، وبالتالي نستند على قدرة اسلوبية ، وقدرة على السبك ، لتشكل لنا قصائد مفعمة بحس وبتجربة شعورية اعتملت في دخيلتها لتصّدر لنا هذه المواجع السوداء التي باحت بها ، وكما يؤكد " اليوت " ان النظفة تدخل في مجال الشعور.

فتحولت أرض الرشيد جهنما ً

                             لتعود َ بيضاء كوجهِ رخام ِ ص15

 


مشاهدات 121
الكاتب قاسم ماضي
أضيف 2025/08/23 - 3:14 PM
آخر تحديث 2025/08/24 - 9:45 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 328 الشهر 17071 الكلي 11412157
الوقت الآن
الأحد 2025/8/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير