مساعدات أمريكية برائحة الدم
جاسم مراد
كان الجميع يتصور ، بأن أمريكا ستكسر جزءً من الحصار والتجويع الإسرائيلي لمواطني غزة ،وشكلت لهذا الغرض لجنة من العسكريين الأمريكيين القدامى بالاشتراك مع عسكريي إسرائيل اسمتها لجنة مساعدة أبناء غزة بالغذاء ، وبعد يومين من المباشرة بتوزيع بعض من الغذاء ، تبين هذه اللجنة وذلك الغذاء هو مصيدة لسكان غزة الذين هرعوا بسبب الجوع لأماكن التوزيع التي تبعد عشرات الكيلومترات بين لجنة توزيع وأخرى .ورغم رفض الأمم المتحدة ولجانها مثل اليونسيف والانروا ، لطريقة أمريكا بتوزيع الغذاء وماتسببه من إهانة وقتل للمواطنين الغزاويين إلا ان الجانب الأمريكي واصل متعمداً على هذا السلوك ، وتفيد الاحصائيات الأولية عن مقتل ( 400) مواطن فلسطيني وجرح الالاف نتيجة وصولهم أو هم في طريقهم لمواقع التوزيع ، مما يكشف على وجه التحديد ، إن إصرار الدوائر الامريكية بالاشتراك مع الجيش الإسرائيلي على طريقة التوزيع هذه ، وابعاد الأمم المتحدة ولجانها ، هو بمثابة توزيع كيس الطحين برائحة الدم الفلسطيني ، إي ان لم تسطيع إسرائيل قتلهم بالطائرات والمدافع ، فأن الغذاء الأمريكي اسهل مصيدة لقتلهم .هنا ليس الحديث عما تقوم به أمريكا ضد الشعب الفلسطيني ، فهذه المسألة معروفة ليست بحاجة الى تفسير ، وإنما المهم هو قراءة العقلية والسياسة الأوروبية حول هذه القضية ، وهنا يبرز التساؤل ، هل أوروبا تلعب بالنقيض بين دعواتها للحرية والديمقراطية وحق تقرير المصير والدفاع عن المرأة والطفولة وبين تمرير الإرهاب الإسرائيلي وفلسفتها في قتل الناس باسم الدفاع عن النفس ، وهل أوروبا في القرن الواحد والعشرين أم انها أوروبا في عصور انزال الناس الى الساحات ودفع النمور والأسود والكلاب المتوحشة عليهم لكي تنهش أجسادهم و يضحك الامبراطور وتطرب زوجته ، ففي الواقع نحن الان في عالم لم تعد فيه للقيم والعقول المتمدنة قيمة ، بل في زمن للقتل والابادة الجماعية وانتهاك الحريات والاوطان هو السائد ، والمشكل باتت الدول في وضع لا يحسد عليه لأنها لا تستطيع أن تقول للباغي انت بغيت ، لأنها تخاف منه ان يرتد عليها أو على اقل تقدير يفرض عليها الحصار الغذائي مثل غزة .
الان الكل يرى المساعدات الامريكية ، هي مصيدة للقتل ، وكل علبة منها توزع على الجياع تفوح منها رائحة الدم والموت ، وإلا ماذا يمكن تفسير عندما يذهب النساء والأطفال والشباب والشيوخ لتلك المساعدات تتلقاهم في البدء الطائرات المسيرة وقذائف الدبابات والمدافع وتحصد منهم العشرات ثم يوزع الضباط الامريكان على ما تبقى منهم بعد ذلك تتلقفهم المدافع لحصد ما يمكن حصده من الأجساد .
في هذه المشاهد الدراماتيكية ينظر العالم ، وقبلهم العرب والمسلمين ، وهم يلوكون إفطار الصباح ، ويسبحون باسم الرحمن الرحيم ، أيجوز ، هذا التناقض الصارخ بين البسملة ورشف القهوة وبين الدماء السيالة من أطفال لا ذنب لهم لكونهم فلسطينيون عرب متشبثون بوطنهم وارضهم .وبين غزة وطهران لا فرق ، فالعدوان هو هو ولكن هذا يستهدف دولة تريد التقدم مثل الدول الأخرى ، وذاك يستهدف شعب يريد الحرية والدولة والاستقلال . ومن يتصور من الاخرين عرباً أو مسلمين أو دول أخرى في أمريكا اللاتينية وحتى روسيا والصين إذا نجحت إسرائيل وامريكا ومعهم من الادلاء المأجورين في هذه الحرب فالكل دون استثناء الهدف القادم ، هذا هو الهدف القادم لكل من يعترض على السيادة الامريكية الصهيونية .البعض يستذكر علينا إذا قلنا بأن الجماهير العروبية القومية والإسلامية الثورية تقف مع ايران في مواجهتها للعدوان الأمريكي الصهيوني ، بل البعض منهم يضع راسة تحت كومة التبن ، يتصور بأن اختلال المعادلات يمكن ان يكون بسلام ، لا أحد يكون بسلام ، أما ان يكون مأجوراً أو عبداً .وهنا كل المؤشرات والدلائل تؤكد بان المقاومة ، هي الحل الوحيد لانهاك العدو وتحقيق الانتصار عليه ، وهذا ما حدث في الحروب المعاصرة ، فيتنام كمبوديا لاوس كوبا جنوب افريقيا أفغانستان والعراق في عام 2011 . والعروبيون يجددون موقفهم مع ايران مثلما هم مع غزة العزة .