ألوانُ القلبِ وتأثيرُ المشاعرِ والطاقةِ على الإنسان
هالة عباس المهجة
لقلبِ رمزيةٌ كبيرةٌ في العديدِ من الثقافاتِ، حيثُ يُعتبَرُ مصدرًا للعواطفِ والمشاعرِ الإنسانيَّةِ. وفي حياةِ كلِّ إنسانٍ، تلعبُ المشاعرُ دورًا محوريًّا في تشكيلِ تجربتِه اليوميَّةِ وتوجيهِ سلوكِه وأفكارِه. لذلك نعرِّفُ المشاعرَ بأنَّها تجربةٌ واعيةٌ تتميَّزُ بالنشاطِ العقليِّ المُكثَّفِ، وبدرجةٍ معيَّنةٍ من المتعةِ أو المعاناةِ. وتَعكِسُ هذه المشاعرُ بوضوحٍ ألوانَ القلبِ الثنائيَّةَ (الأبيضِ، والأحمرِ)، إضافةً إلى الألوانِ الأخرى. ومن خلالِ هذه الألوانِ نستطيعُ أن نفهمَ أعماقَ النفسِ البشريَّةِ والطاقةَ التي تُرافِقُها. إضافةً إلى ذلك، وهبَنا اللهُ هذه المشاعرَ التي تُعتبَرُ المتنفَّسَ لتلكَ النفسِ للتعبيرِ عمَّا يخطُرُ على بالِها في ذلكَ القلبِ ذي الألوانِ. ومنها:
القلبُ الأحمرُ: هو رمزُ الحبِّ والعاطفةِ، وله تأثيرٌ مُنشِّطٌ يزيدُ من معدَّلِ ضرباتِ القلبِ وتدفُّقِ الدمِّ، مما يُعزِّزُ الشعورَ بالطاقةِ والحيويَّةِ. فيُعبِّرُ عن العاطفةِ والرغبةِ القويَّةِ، وقد يكونُ له تأثيرٌ إيجابيٌّ على العلاقاتِ الشخصيَّةِ والعاطفيَّةِ.
اللونُ الأبيضُ: هو اللونُ الأساسيُّ للقلبِ، وهو يُوحي بالانسجامِ والسلامِ والهدوءِ. كما أنَّه يدلُّ على سلامةِ المشاعرِ وصفائِها، ولا شكَّ في ذكرِ أنَّه لونُ أهلِ الجنَّةِ.
اللونُ الأسودُ: يُستخدَمُ للتعبيرِ عن مشاعرَ وأفكارٍ متنوِّعةٍ، منها: الحزنُ والاكتئابُ، القسوةُ أو الشرُّ، وأحيانًا يُعبِّرُ عن التمرُّدِ، أو الحبِّ المُظلِمِ أو علاقةٍ لها جوانبُ مُظلِمةٌ. بشكلٍ عامٍّ، يمكنُ أن يكونَ القلبُ الأسودُ تعبيرًا عن مشاعرَ معقَّدةٍ أو حالاتٍ عاطفيَّةٍ غيرِ تقليديَّةٍ.
القلبُ الورديُّ: يرتبطُ بالرومانسيَّةِ والحنانِ. فيجلبُ هذا اللونُ شعورًا بالراحةِ والأمانِ، ويُستخدَمُ للتعبيرِ عن الحبِّ والمودَّةِ. تأثيرُه مُهدِّئٌ ويمكنُ أن يُساعدَ في تقليلِ التوترِ والقلقِ.
القلبُ الأزرقُ: يُرمَزُ به إلى السلامِ والهدوءِ، ويُعرَفُ بقدرتِه على تهدئةِ الأعصابِ والتخلُّصِ من التوترِ. فيرتبطُ بالتوازنِ والاستقرارِ النفسيِّ، ويمكنُ استخدامُه لتهدئةِ العقلِ وتعزيزِ الشعورِ بالطمأنينةِ.
القلبُ الأخضرُ: يُعبِّرُ عن النموِّ والتجديدِ. ويرتبطُ اللونُ الأخضرُ بالطبيعةِ والحياةِ، وله تأثيرٌ مُهدِّئٌ ويُعزِّزُ الشعورَ بالراحةِ النفسيَّةِ. يمكنُ أن يُساهمَ في تحسينِ الصحَّةِ العامَّةِ والتوازنِ العاطفيِّ.
القلبُ الأصفرُ: يُمثِّلُ الفرحَ والإيجابيَّةَ. يُعزِّزُ اللونُ الأصفرُ مشاعرَ السعادةِ والتفاؤلِ، ويمكنُ أن يُعزِّزَ الطاقةَ الإيجابيَّةَ والإبداعَ. فيُستخدَمُ للتعبيرِ عن الصداقةِ والمرحِ.
ففي هذا المقالِ سنستعرضُ تأثيرَ هذه الألوانِ على القلبِ، ونناقشُ كيفيَّةَ تفاعلِ المشاعرِ والطاقةِ التي هي أحدُ أنواعِ المشاعرِ. فعندما يرتفعُ مستوى المشاعرِ بقوَّةٍ في الجسمِ أو الجسدِ، تخرجُ طاقةٌ معيَّنةٌ تختلفُ نوعُها حسبَ المشاعرِ. وكما أنَّ الطاقةَ هي السببُ الرئيسيُّ لنجاحِ الفردِ وازدهارِه، سوف نتعمَّقُ في العلاقةِ بينَ الحالةِ العاطفيَّةِ للفردِ ونوعِ الطاقةِ التي تنبضُ في قلبِه، لنكتشفَ كيف يمكنُ لهذه الديناميكيَّةِ أن تكونَ إمَّا حافزًا للنجاحِ والازدهارِ أو عائقًا أمامَ تحقيقِ الأمنياتِ والأحلامِ.
علاوةً على ذلك، ترتبطُ ألوانُ القلبِ بمؤثِّراتٍ نفسيَّةٍ وطاقيَّةٍ مختلفةٍ يمكنُ أن تؤثِّرَ على الإنسانِ بشكلٍ كبيرٍ. أيضًا للعواطفِ دورٌ كبيرٌ في حياتِنا اليوميَّةِ، ويمكنُ أن تؤثِّرَ بشكلٍ مباشرٍ على صحَّتِنا الجسديَّةِ والعقليَّةِ. فلذلكَ المشاعرُ الإيجابيَّةُ مثلَ الحبِّ والفرحِ تُساهمُ في تعزيزِ الصحَّةِ النفسيَّةِ وزيادةِ مستوى الطاقةِ الإيجابيَّةِ، بينما المشاعرُ السلبيَّةُ مثلَ الغضبِ والحزنِ قد تؤدِّي إلى تدهورِ الصحَّةِ العامَّةِ وتؤثِّرُ سلبًا على الطاقةِ.
وتُشيرُ الكثيرُ من الدراساتِ إلى أنَّ الألوانَ يمكنُ أن تؤثِّرَ على حالتِنا النفسيَّةِ والجسديَّةِ. فإنَّ استخدامَ ألوانٍ معيَّنةٍ في البيئةِ المحيطةِ يمكنُ أن يُساهمَ في تحسينِ الحالةِ المزاجيَّةِ وزيادةِ الطاقةِ الإيجابيَّةِ. فعلى سبيلِ المثالِ، قد يتمُّ تفضيلُ الألوانِ الهادئةِ مثلَ الأزرقِ والأخضرِ في مساحاتِ الاسترخاءِ، بينما يمكنُ استخدامُ الألوانِ النشطةِ مثلَ الأحمرِ والأصفرِ في الأماكنِ التي تتطلَّبُ الطاقةَ والنشاطَ. أمَّا اللونُ الأبيضُ فهو اللونُ الطبيعيُّ لقلبِ الإنسانِ السليمِ. ومن جمالِ خصائصِ هذا اللونِ أنَّ الطاقةَ العاطفيَّةَ في جسمِ الإنسانِ واقعيَّةٌ ومُخلَّقةٌ ذاتيًّا ولها مستوى من الديمومةِ.
أمَّا المصادرُ التي تُنتِجُ طاقةً عاطفيَّةً مُظلِمةً (القلبُ الأسودُ) فإنَّ إنتاجَها غالبًا ما يكونُ غامقًا، وهذا دليلٌ على أنَّ الطاقةَ ستكونُ باهِتةً ومُظلِمةً، مؤقَّتةً وأقلَّ طولًا في العمرِ. كما ذكرنا سابقًا، فإنَّ الطاقةَ هي السببُ الرئيسيُّ لبناءِ المستقبلِ. فكيف سيكونُ شكلُ مياهِ النبعِ لو كانَ النبعُ أسودَ؟ متى وكيفَ تُصبِحُ النافورةُ سوداءَ؟ستظلمُ الينابيعُ، أي ستظلمُ حجابَ قلوبِنا الأربعةَ، كما هو الحالُ بطبيعةِ الحالِ مع المدخِّنينَ، ومن يَشربونَ ترابَ مقبرةِ الشبابِ (المخدِّراتِ)، ومن يَشربونَ مشروبَ الشيطانِ (الخمرِ). فعذرًا، أنَّ بعضَ المدخِّنينَ عادةً ما يكونُ صديقَ الحظِّ السيِّئِ، أو يكونُ مكتئبًا. ويدَّعي المدخِّنُ أنَّ الضغطَ والاكتئابَ النفسيَّ سوفَ ينخفضُ أو يزولُ بالتدخينِ، ولكن في الحقيقةِ فإنَّ الموادَّ التي تُصنَعُ منها السيجارةُ هي موادُّ مُمتِعةٌ (مُخدِّرةٌ) للأعصابِ. ودائمًا ما تأخذُ فضلاتُ أو بقايا هذه الموادِّ للرئةِ، فتُصبِحُ كمكبٍّ للنفاياتِ ومكانٍ للقُمامةِ، وستحملُها الرياحُ القويَّةُ بعيدًا، إضافةً إلى الأمراضِ الكثيرةِ منها انسدادُ الشرايينِ والقلبِ والرئةِ.
أمَّا الذينَ يأكلونَ غبارَ مقبرةِ الشبابِ (المخدِّراتِ)، فهم كمن دَفنوا أنفسَهم أحياءً، امتلأت أفواهُهم الصارخةُ بغبارِ تلكَ المقبرةِ التي دَفنت آلافَ الأحلامِ والأماني التي لا تزالُ تنتظرُ مرورَ الشُّهُبِ من خلالها. والسماءُ حالكةُ السوادِ لتتحقَّقَ والهروبَ من أعماقِ مقبرةِ الشبابِ.
أمَّا الذينَ شربوا من ماءِ الشيطانِ (الخمرِ) فهم كمن دخلَ في حربِ قمارٍ راجيًا أن يُصبِحَ غنيًّا، فأخذَ يجلسُ مع الشيطانِ يتباهى بثروتِه، معتقدًا أنَّ صاحبَه قليلُ الثروةِ الفكريَّةِ. فضمِنَ أنَّ النصرَ حليفُه، فجلسَ كالملكِ الذي بنى عرشَ قصرِه في أعلى ذلكَ الجبلِ الذي لا نكادُ نرى وسطَه، لينهضَ مثلَ ذلكَ المتسوِّلِ البائسِ الذي نهضَ من تلكَ البساطِ البالي ذاتِ الثقوبِ الكبيرةِ التي كانت تُشغِلُ مقعدَينِ تحميه من همومِ الغبارِ.وكلُّ هذه الموادِّ تشملُ التدخينَ (السجائرَ) ومشروبَ الشيطانِ (الخمرَ) وغبارَ مقبرةِ الشبابِ (المخدِّراتِ). إنَّها موادٌّ توفِّرُ الطاقةَ، ولكن أيَّ طاقةٍ؟ أهي الطاقةُ العاطفيَّةُ البيضاءُ أم الطاقةُ العاطفيَّةُ المُظلِمةُ؟ نعم، الطاقةُ المُظلِمةُ التي تمنحُ مُتلقيها طاقةً بنمطٍ مؤقَّتٍ يُداعبُ الأعصابَ ليجعلَهم في أعلى درجاتِ المسؤوليةِ. ولكن ماذا سيحدثُ بعدَ تلكَ المُداعبةِ؟ نعم، سيحدثُ ما نخشاهُ، ويُصبِحُ القلبُ أسودَ، يخلُو من المشاعرِ والعواطفِ والأحاسيسِ.
وأخيرًا نقولُ: تبقى ألوانُ القلبِ رموزًا قويَّةً تُعبِّرُ عن المشاعرِ والطاقةِ المختلفةِ. لأنَّ فهمَ تأثيرِ هذه الألوانِ واستخدامَها بشكلٍ مناسبٍ يمكنُ أن يُساعدَ في تحسينِ الحالةِ العقليَّةِ والعاطفيَّةِ، وبالتالي تعزيزِ الصحَّةِ العامَّةِ. وتأثيرُ العواطفِ والطاقةِ على الإنسانِ لا يمكنُ إنكارُه. واستخدامُ الألوانِ بوعيٍّ يمكنُ أن يكونَ أداةً فعَّالةً لتحقيقِ التوازنِ والراحةِ النفسيَّةِ للإنسانِ.
تدريسية في /جامعة /القادسيية/ كلية العلوم