نبل فائق وعلو شاهق
حسين الصدر
-1-
النفوس الصافية الكبيرة رحيبةُ الصدر ، وليس سهلاً عليها ان تسقط أحداً من عينها ومن عيون الناس ، حتى اذا مارس ما يستحق العقوبة .
انّها تقدر ظروف الاخرين وتحسب لها الحساب .
-2-
ومن روائع ما قرأت عن الصحابي الكبير (عبد الله بن مسعود) انه خرج يوماً الى السوق ليشتري لأهله شيئا ، فسرقت نقودُه وهذه السرقة جعلت الناس وهم يتعاطفون مع عبد الله بن مسعود يدعون على السارق .
أما عبد الله بن مسعود فقد رفع يديه الى السماء وقال :
اللهم إنْ كنتَ تعلم ان الذي سرق نقودي بحاجة اليها فبارك له فيها .
وإنْ كنتَ تعلم انّه في غير حاجة اليها فاجعلها آخر معصية له في حياته ،
-3 –
لقد جعل السارق في حِلٍّ منه اذا كان محتاجاً للمال الذي سَرَقَهُ .
ودعا له بان تكون سرقته لماله آخر معاصيه اذا لم يكن محتاجا للمال .
وهذا هو النبل الفائق والعلو الشاهق .
-4-
لم يَدْعُ عليه بالويل والثبور وعظائم الأمور وانما قدّر له حالتيْن دعا له فيهما .
وهذا منتهى الحلم والكرم .
ومَنْ لنا بمثل عبد الله بن مسعود في زمن كثرت فيه الانتفاخات والتشنجات حتى أتعبتْ وأرهقت والله المستعان .