الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تانجرو قنبلة تلوّث موّقوتة تهدّد شمالي العراق ووسطه

بواسطة azzaman

تانجرو قنبلة تلوّث موّقوتة تهدّد شمالي العراق ووسطه

السليمانية - باسل الخطيب

حذر باحثون من وجود قنبلة تلوث موقوتة تهدد ملايين الناس لا في إقليم كردستان حسب، بل في وسط العراق أيضاً، وفي حين ناشدوا الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات العاجلة لمعالجة تلك الظاهرة الكارثية، كشفوا عن إمكانية إجراء بحوث مشتركة مع إحدى الجامعات السويدية بشأن الموضوع.

وقال البروفيسور د. صالح نجيب مجيد، المتخصص بالعلوم البيئية، إن غالبية مخلفات الأنشطة الحياتية والصناعية في السليمانية «تصب في نهر تانجرو الذي يصب في بحيرة دربنديخان التي تغذي نهر ديالى»، كاشفاً عن «وجود 18 نقطة تصريف مياه ثقيلة بعضها مدفون تحت الأرض تصب في نهر تانجرو». ونهر تانجرو، هو نهر صغير في محافظة السليمانية، يبلغ طوله 58 كلم، يصب في بحيرة دربندخان.. في حين أن نهر ديالى، وهو خامس روافد نهر دجلة، يتكون من التقاء نهري سيروان وتانجرو في بحيرة دربندخان.

منطقة مفضلة

وأضاف التدريسي في قسم الموارد الطبيعية بكلية الزراعة جامعة السليمانية، أن مما يزيد الطين بله أن جانبي نهر تانجرو باتت منطقة مفضلة لرمي النفايات الصلبة التي تخلفها مدينة السليمانية، مشيراً إلى أن كون مستوى منطقة تانجرو أوطأ من باقي المناطق الواقعة شمالي السليمانية وغربيها يشكل مشكلة مضافة تفاقم التلوث لاسيما أن تدرج الضغط الجوي يسبب تكون تيارات هوائية من الشمال والشمال الشرقي إلى المنطقة الجنوبية وبالتالي إزاحة الملوثات الهوائية في معظم الأحيان إلى المنطقة التي تضم حوض تانجرو. وأوضح البروفيسور صالح مجيد، أن منطقة تانجرو تضم معملاً لتدوير المعادن يعتمد كثيراً على سكراب المخلفات الحربية التي ترده من مناطق جنوبي العراق برغم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر ناجمة عن تلوث تلك المخلفات باليورانيوم المنضب لاسيما أن غالبية معامل تدوير السكراب الخمسة الموجودة في السليمانية ومنها ذلك الموجود في تانجرو تفتقر لأجهزة كشف الإشعاع، لافتاً إلى أن هناك معامل أخرى لتدوير زيوت السيارات في تانجرو تلقي مخلفاتها في النهر. وأكد البروفيسور المتخصص بالموارد الطبيعية، أن منطقة تانجرو تتأثر أيضاً بالمياه الثقيلة التي تصرف إليها من السليمانية فضلاً عن النشاط الصناعي والحياتي فيها ناهيكم عن تأثرها بالواقع الطوبوغرافي والتلوث الهوائي أكثر من باقي مناطق المحافظة، منوهاً إلى أن ذلك ينطوي على مخاطر بيئية وصحية جمة منها أمراض الكوليرا ومختلف أنواع السرطانات على سبيل المثال لا الحصر.

وحذر البروفيسور صالح مجيد، من مغبة تدمير أخصب تربة زراعية في سهل شهرزور نتيجة سقيها بمياه نهر تانجرو الملوثة بشتى العناصر الضارة والمعادن الثقيلة والمواد الهيدروكربونية (مشتقات نفطية)، مستدركاً فضلاً عن المضار الناجمة عن الاستعمال المفرط للمبيدات الزراعية من قبل فلاحي المنطقة مما يفاقم التلوث ويسمم نباتاتها.  

ملوثات وأمراض خطيرة

من جانبه قال د. أحمد صالح محمد، التدريسي في كليتي لهندسة بجامعتي السليمانية والأمريكية، إن التحاليل العلمية «أثبتت احتواء مياه نهر تانجرو على مواد شديدة السمية منها الرصاص والزئبق والكاديميوم والزرنيخ التي يمكن أن تسبب أمراضاً خطيرة كشلل دماغ الأطفال ومختلف أنواع السرطان فضلاً عن مشاكل القلب والأوعية الدموية»، مضيفاً أن تلك المياه «مشبعة أيضاً بفايروسات فتاكة وكميات كبيرة من المغذيات والمواد الفسفورية والنيتروجينية والمخلفات الزراعية التي تحتوي على أسمدة كيميائية ومبيدات حشرية وأملاح ما سبب ما يعرف بظاهرة الإثراء الغذائي Eutrophication  الخطيرة التي تؤدي إلى نمو الطحالب الضارة (Dinoflagellates ) وانتشارها لما تفرزه من مواد سمية تؤدي إلى نفوق الحيوانات كالأسماك والطيور وغيرها من الحيوانات التي تتغذى على الأسماك.

بدورها استغربت البروفيسورة د. ريزان عمر رشيد، وهي أول بروفيسورة في اختصاص التلوث البيئي في جامعة السليمانية وإقليم كردستان، من «عدم تحرك الجهات المعنية لإقامة وحدات معالجة مياه ثقيلة ومنع رمي المخلفات بأنواعها في مياه نهر تانجرو وبحيرة دربنديخان وغيرها من المصادر المائية في الإقليم برغم ما لذلك من مخاطر بيئية وصحية وبيئية»، لافتة إلى أن إقامة محطات معالجة المياه الثقيلة ينطوي على «فوائد جمة منها على سبيل المثال لا الحصر إمكانية الحصول على مياه نقية غير ملوثة للبيئة يمكن استثمارها في الزراعة واستخراج غاز الميثان من المواد العضوية الموجودة في المياه الملوثة واستخدامه كمصدر للطاقة والحصول على مواد عضوية من نتائج التصفية يمكن استعمالها كسماد».

 إلى ذلك حذر د. سرمد لطيف، المتخصص في المياه من مغبة تفاقم مشكلة تلوث المياه في العراق نتيجة استمرار تصريف المياه الثقيلة للأنهار وباقي المسطحات المائية وقلة محطات المعالجة، مبيناً أن دراسة للأمم المتحدة أوردت أن أكثر من 90 بالمئة من الموارد المائية العراقية (بما في ذلك الكردستانية) ملوثة. واستغرب لطيف التدريسي في جامعة كومار للعلوم والتكنولوجيا في مدينة السليمانية، من ضعف إجراءات الحكومات العراقية والكردستانية المتعاقبة بشأن جريمة تصريف المخلفات المجتمعية لاسيما الصرف الصحي والصناعية والزراعية في المسطحات المائية بالرغم مما لذلك من مخاطر صحية وبيئة كارثية لا على المياه السطحية حسب بل وأيضاً على المياه الجوفية خصوصاً أن غالبية الجهات التي تقوم بذلك حكومية، مشدداً على ضرورة الإسراع بتنفيذ مشروع وطني واسع النطاق لإقامة سلسلة محطات لمعالجة المياه الثقيلة في عموم العراق وإقليم كردستان.

وحث لطيف، القطاع الخاص على تنفيذ محطات معالجة لما لذلك من فوائد بيئية واقتصادية جمة، عاداً أن ذلك يشكل حلاً سريعاً لمشكلة تلوث المياه لاسيما مع عدم قدرة الجهات الحكومية على تلبية الحاجة الوطنية المتزايدة والملحة لتلك المحطات في عموم العراق وإقليم كردستان.    وبشأن أنواع التلوث التي لوحظت في المياه العراقية، قال لطيف، إنها تتلخص بوجود العناصر الثقيلة (مثل الرصاص، الزئبق، الزرنيخ، الفسفور والكادميوم) والمواد البلاستيكية والمخلفات الزراعية المليئة ببقايا الأسمدة الكيميائية والمبيدات والأملاح والمركبات الهيدروكربونية النفطية، مدللاً على خطر تلك الملوثات بأن لتراً واحداً من النفط يمكن أن يلوث مليون لتر من المياه ما يؤثر أيضاً على المياه الجوفية ويسبب انتشار الأمراض لاسيما السرطانية وإصابة الأطفال بالإسهال كما الكوليرا وحدوث وفيات كثيرة.

مشروع بحثي

وكشف لطيف، عن «مباحثات تتواصل حالياً مع ممثلة الأمم المتحدة في مدينة مالمو السويدية السيدة ميكايلا أوستا نيابة عن مشروع الماء حياة الذي ينفذه مركز البحث العلمي بجامعة لوند Lunds universitet السويدية لإجراء بحوث مشتركة لحماية الموارد المائية ومعالجة المياه الثقيلة في السليمانية، منوهاً إلى أن محافظ السليمانية هفال أبو بكر أكد على دعم المحافظة لتلك الجهود عندما استقبل الباحثة السويدية مؤخراً.


مشاهدات 317
أضيف 2024/11/30 - 1:29 AM
آخر تحديث 2024/12/11 - 2:36 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 83 الشهر 4751 الكلي 10060846
الوقت الآن
الخميس 2024/12/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير