الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السياسة الخارجية للعراق

بواسطة azzaman

السياسة الخارجية للعراق

كامل الدليمي

 

جمعني حديث مطول بأحد طلاب الدكتوراه في جامعة بغداد (علوم سياسية)، وضمن منهجهم الدراسي للفصل الأول التحضيري ذكر أنهم درسوا بشكل مفصل السياسة الخارجية العراقية وقارنوها بالسياسات الخارجية للدول الديمقراطية الأخرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية. وأوضح أن صُنّاع السياسة الخارجية الأمريكية هم أشخاص متشبعون بالمشروع الديمقراطي، مما أكسبهم خبرة ومهارة في رسم معالم سياسة خارجية تتماشى مع المصالح العليا لبلدهم وتضمن استقرار العلاقات الدولية.في المقابل، أشار إلى أن السياسة الخارجية العراقية عانت من الضعف والوهن بسبب هشاشة النظام الديمقراطي المحلي، حيث طغت عليه المشاريع السياسية غير الناضجة وتعدد الولاءات والانتماءات. هذا الواقع رسم صورة مشوشة للسياسة الخارجية، حوّل العراق من لاعب إقليمي فاعل إلى كيان ضعيف يفتقر إلى رؤية واضحة تضمن التوازن في علاقاته الدولية.والحق أن هذا التشخيص دقيق ومبني على أسس علمية، إذ أن تحديد مكامن الخلل في السياسة الخارجية العراقية يفتح الباب أمام معالجة الأخطاء. ولكن، هل يمتلك الساسة العراقيون الإرادة الحقيقية لمعالجة هذه المشكلات وإعادة العراق إلى مكانته الإقليمية والدولية؟إن أحد أبرز أسباب هذا الخلل يمكن فهمه من خلال دراسة أنواع وحدات صنع القرار السياسي الخارجي التي تتفاعل فيها أفكار صانعي القرار وتُتخذ ضمنها القرارات، والتي تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية: (الاول) يتمثل بوحدة القائد المسيطر ،هذه الوحدة تعتمد على قرار القائد بشكل منفرد دون الحاجة إلى موافقة باقي الأعضاء، وغالباً ما تكون هذه الوحدة في الأنظمة الديكتاتورية، لكنها قد تظهر أيضاً في الأنظمة الديمقراطية أثناء الأزمات الكبرى أو في ظل قادة ذوي شخصيات استبدادية. أن قرارات هذه الوحدة تتسم بالسرعة، لكنها قد تكون متطرفة بسبب انفراد القائد بالقرار.اما الوحدة (الثانية) فهي وحدة الجماعات المستقلةأذ تتوزع السلطة في هذه الوحدة بالتساوي بين الأعضاء، وتُتخذ القرارات من خلال المساومات والمشاورات. هذه الوحدة موجودة في الأنظمة البرلمانية الائتلافية، وقد تظهر أحياناً في الأنظمة الرئاسية أو الشمولية في حال وجود صراعات غير معلنة بين مؤسساتها والحق أن قرارات هذه الوحدة بطيئة لكنها معتدلة نوعاً ما .اما الوحدة (الاخيرة والثالثة) فهي المجموعة الموحدةأذ تتميز بالتوازن بين سرعة اتخاذ القرار واعتداله، إذ تُجرى مشاورات فعالة بين الأعضاء مع دور بارز للقائد في توجيه النقاش. وتظهر في الأنظمة الديمقراطية الناضجة ذات التجارب السياسية الناجحة والواعية .

وخلاصة القول : إن السياسة الخارجية العراقية بحاجة ماسة إلى إعادة هيكلة أسلوب اتخاذ القرار من خلال دراسة مكامن الخلل في وحداتها، والاستفادة من التجارب العلمية التي ترصد الأخطاء وتقترح الحلول. وان معالجة هذه الإشكاليات كفيلة بإعادة العراق إلى حجمه الحقيقي ودوره المحوري وثقله السياسي كلاعب أساسي في المنطقة الإقليمية والدولية .

 

 


مشاهدات 103
الكاتب كامل الدليمي
أضيف 2025/02/09 - 4:27 PM
آخر تحديث 2025/02/15 - 7:43 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 504 الشهر 8163 الكلي 10403534
الوقت الآن
السبت 2025/2/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير