الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أجراس‭ ‬التعداد‭ ‬السكاني

بواسطة azzaman

أجراس‭ ‬التعداد‭ ‬السكاني

نزار محمود

 

لقد‭ ‬اقتنع‭ ‬العالم‭ ‬بأن‭ ‬أنظمة‭ ‬تداول‭ ‬السلطة‭ ‬الدورية‭ ‬المتوقفة‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬الحرة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬هي‭ ‬السبيل‭ ‬الأفضل‭ ‬لادارة‭ ‬حياة‭ ‬الشعوب‭. ‬هذه‭ ‬القناعة‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬حسابات‭ ‬وتجارب،‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬اشتراطات‭ ‬موضوعية‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬تقدم‭ ‬المجتمعات‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬والتنظيم‭ ‬والخلق‭ ‬السياسي‭ ‬ونضج‭ ‬مؤسسات‭ ‬عمله‭. ‬وبعكسها‭ ‬تتحول‭ ‬ديمقراطيات‭ ‬تداول‭ ‬السلطة‭ ‬الدورية‭ ‬الى‭ ‬فرص‭ ‬نهب‭ ‬وتنصل‭ ‬عن‭ ‬المسؤوليات‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الشعوب‭.‬

لقد‭ ‬بدأت‭ ‬تطبيقات‭ ‬الانظمة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬اوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬النهضات‭ ‬العلمية‭ ‬والتقنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثورات‭ ‬الصناعية‭ ‬والزراعية‭ ‬والسياسية‭ ‬والثقافية،‭ ‬وترسيخ‭ ‬مؤسسات‭ ‬ادارتها‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لتجد‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬الى‭ ‬تطبيقها‭ ‬دون‭ ‬الوعي‭ ‬العام‭ ‬باهميتها‭ ‬والقدرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وحتى‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬لحمايتها،‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وبامكانات‭ ‬تطبيقاتها‭ ‬النزيهة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬اخرى‭.‬

هذه‭ ‬النهضات‭ ‬وذاك‭ ‬التطور‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وبواسطة‭ ‬البشر‭ ‬المعنيين‭ ‬بتلك‭ ‬النهضات‭ ‬وذلك‭ ‬التطور،‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬الوقوف‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬كمها‭ ‬ونوعها‭ ‬وتركيباتها‭ ‬وحاجاتها‭ ‬وميولها‭ ‬وقدراتها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬توفره‭ ‬بيانات‭ ‬وتحليلات‭ ‬التعدادات‭ ‬السكانية،‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬دقيقة‭ ‬ونزيهة‭ ‬وشاملة‭.‬

هذه‭ ‬التعدادات‭ ‬تشكل‭ ‬مادة‭ ‬ثمينة‭ ‬للدراسة‭ ‬والبحث‭ ‬والتحليل،‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وتحدياً‭ ‬وفرصة‭ ‬للساسة‭ ‬والمختصين‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭. ‬انها‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬طرفي‭ ‬معادلة‭ ‬في‭ ‬امكانات‭ ‬ذلك‭ ‬الشعب‭ ‬وطبيعتها‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وعن‭ ‬احتياجاتها‭ ‬المادية‭ ‬والمعنوية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

كما‭ ‬ان‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حسابات‭ ‬معدلات‭ ‬الولادات‭ ‬والوفيات،‭ ‬وتركيباتها‭ ‬العمرية‭ ‬ما‭ ‬يرسم‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬للهيكل‭ ‬الديموغرافي‭ ‬في‭ ‬شكله‭ ‬ومعانيه‭.‬

ان‭ ‬الساسة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يدركوا‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬زيادة‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يحتاجونه‭ ‬من‭ ‬غذاء‭ ‬ودواء‭ ‬وكساء‭ ‬وايواء،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يقدمونه‭ ‬من‭ ‬انتاج‭ ‬وانجاز‭. ‬ورجال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬يجلسون‭ ‬يحسبون‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬انتاجه‭ ‬واحتياجاته‭ ‬واستهلاكه‭ ‬وتداعياته،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يعكف‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬والاجتماع‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬مستجدات‭ ‬طبيعة‭ ‬المشاكل‭ ‬وعلاقات‭ ‬البشر‭ ‬وتطورات‭ ‬ميولهم‭ ‬وحتى‭ ‬قيمهم‭ ‬واخلاقياتهم‭. ‬فالمجتمعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬غيرها‭ ‬الكبيرة،‭ ‬والزراعية‭ ‬غير‭ ‬الصناعية،‭ ‬والرعوية‭ ‬غيرها‭ ‬الرقمية‭.‬

ان‭ ‬الجميع‭ ‬يجلس‭ ‬يرى‭ ‬ويدرس‭ ‬ويخطط‭ ‬وبأمل‭ ‬ويرجو،‭ ‬بيد‭ ‬انه‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬بوصلة‭ ‬فلسفية‭ ‬واخلاقية‭ ‬ووطنية‭ ‬للإستهداء‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬وضعه‭ ‬للأهداف‭ ‬والسياسات‭.‬

بعد‭ ‬أيام‭ ‬يجري‭ ‬الاعلان‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬التعداد‭ ‬العام‭ ‬للسكان‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وهو‭ ‬تعداد‭ ‬لا‭ ‬أخال‭ ‬أنه‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬وعدم‭ ‬دقة‭! ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فهو‭ ‬يشكل‭ ‬قاعدة‭ ‬بيانات‭.‬

بيد‭ ‬أننا‭ ‬نفتقد‭ ‬الى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬ادوات‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬ايراداتنا‭ ‬حيث‭ ‬ريعية‭ ‬اقتصادنا،‭ ‬كما‭ ‬أننا‭ ‬قد‭ ‬نفقد‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬ابنائنا‭ ‬جراء‭ ‬سوء‭ ‬التخطيط‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬وبوار‭ ‬التعليم‭ ‬وتنامي‭ ‬الحاجات‭ ‬والرغبات‭ ‬المنفلتة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬محاكاة‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬امكاناته‭ ‬وحاجاته‭.‬

وفي‭ ‬الختام‭ ‬أطرح‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة‭ ‬على‭ ‬الساسة‭ ‬والمختصين‭ ‬بالعلاقة‭ ‬بالتعامل‭ ‬مع‭ ‬معطيات‭ ‬التعداد‭ ‬العام‭ ‬للسكان‭:‬

هل‭ ‬تشعرون‭ ‬بكامل‭ ‬الوعي‭ ‬والأمانة‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الوطنية‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬لكم‭ ‬بيانات‭ ‬ذلك‭ ‬التعداد‭ ‬وما‭ ‬تعنيه؟

هل‭ ‬تحسون‭ ‬بكبر‭ ‬المسؤولية‭ ‬والأمانة‭ ‬عما‭ ‬تتخذونه‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وتنموية‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬شعبكم؟‭ ‬هل‭ ‬تمتلكون‭ ‬الجرأة‭ ‬والفروسية‭ ‬لتقولون‭ ‬أمام‭ ‬الشعب‭: ‬نحن‭ ‬أهلاً‭ ‬للمسؤولية،‭ ‬أو‭ ‬تطلبون‭ ‬منهم‭ ‬العفو‭ ‬والانسحاب؟


مشاهدات 100
الكاتب نزار محمود
أضيف 2025/02/15 - 12:47 PM
آخر تحديث 2025/02/15 - 9:07 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 511 الشهر 8170 الكلي 10403541
الوقت الآن
السبت 2025/2/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير