دعوة من أجل خطاب وطني
همام كصاي
لا بد من وضع قواعد قانونية تدين وتجرم من يتكلم باسم مذهب او طائفة او دين او قبيلة او محافظة او علم او شعار غير الوطن، وهي قواعد حال أية دولة سعت للبناء لا الهدم للتحديث لا المحافظة، فقد عرفنا دول عديدة اسهمت في تجريم من يرفع الولاء غير الولاء للوطن، ذلك لان الفرقة ادت الى احداث العديد من الاشكاليات والعراقيل التي اسهمت اسهام كبير في جعل انحدار المجتمع العراقي الى الأسوأ، ولنأخذ نظرة فاحصة وشاهدة للعيان ما انتج الانتماء غير الانتماء للوطن، المحاصصة أسوء امراض المجتمع، والفساد من خلال الرشوة والواسطة، الانتخاب على اساس قبلي وديني وطائفي، الوظائف في مؤسسات الدولة العراقية على أسس منصوص عليها وواضحة بنصوص تدعو الى الاختلاف لا الوحدة وغيرها من الأمور الاخرى التي لا يسع الاطلاع عليها ولكنها امثلة توحي منذ الوهلة الأولى الى وجود خلل واضح يعانيه البلاد بالمجمل هذه الامور فتحت المجال امام الانتماءات القرابية بنخر المجتمع دون دراية منه، والقرابية هنا كل ما يربط الفرد برابطة الدين او المذهب او القبيلة او المنطقة العشيرة، هذه المسميات أحدثت اختلالات واضحة وجسيمة في تركيبة المجتمع العراقي، فلو سعى النظام السياسي وتفطن منذ البداية الى هذه المسميات ما كان هناك لها آذان صاغية، على العكس ومن وجهة نظر ان النظام السياسي بمجملة كان ذا تركيبة خاطئة لأسباب عديدة أدت الى عودة العصبية والحمية الجاهلية القديمة بهندام حديث تكشف عن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره، الى إدارة سيئة لا تعتمد على الكفاءة والمكنة او الأنسب و وبالتالي راح ضحيته الدولة بالمجمل مما جعلها فقيرة في اصلاح النظام اذ من غير الممكن ان يدعو صاحب النعرة والعصبية الى تخطي العصبية او صاحب السمعة السيئة الى الخلال الحسنة فلا بد من وجود انصاف حقيقي في الدولة ويعني بذلك نظامها السياسي في الاختيارات والوسائل الفعالة وأصحاب الخبرة وغيرها ممن تسهم في القضاء على تلك الآفات، وبالتالي لا يمكن ان تنجح إدارة حقيقة في إدارة البلد من دون التخلص من تلك الإشكاليات المريرة للمجتمع، وحتى الإصلاح والاستقرار وغيرها لا يمكن تحقيق نجاح فيها، والانتخابات سوف تظل قابعة في عدم نجاحها الحقيقي وان حدث ان نجحت شكلياً الا انها في الحقيقة لا يمكنها النجاح في مجتمع مقسم على نفسه.
لذلك فالأولى لكل نظام سياسي يريد الوصول الى نجاح تام هو في الحقيقة معالجة المجتمع بالكامل لان النجاح في إدارة المجتمع يعني النجاح في إدارة الدولة.