من رحم المعاناة يولد الإبداع
(الزمان) تروي قصة بطلة عراقية من ذوي الهمم
بغداد- رجاء حميد رشيد
أستطاعت قصران محمد عليوي 28سنة من محافظة النجف من ذوي الاحتياجات الخاصة، تعاني من عوق ولادي إنحراف واعوجاج في الساقين،شلَ حركتها ولاتستطيع الحركة والتنقل الإ بواسطة الكرسي المتحرك،أن تتجاوز الكثير من التحديات ، وتنتصر على الفقر والمرض معاً لتصل إلى القمة وتحرز لقب البطولة العالمية في هذا المجال، وفي عالم الرياضة ، حيث يُعتبر التفوق والإنجاز محطّ احترام وتقدير، وتصبح واحدة من القصص الملهمة التي تتحدى الظروف وتفتح أبواب الأمل لكل من يواجه صعوبات في الحياة.
تخنقها العبرات
تتحدث قصران بألم تخنقها العبرات لعدم تمكنها من الذهاب الى المدرسة في طفولتها بسبب الفقر وعدم تمكن عائلتها من شراء كرسي متحرك لغرض مساعدتها على الذهاب للمدرسة وتعلم القراءة والكتابة ،ولدت في محافظة الديوانية،وانتقلت عائلتها للعيش في محافظة النجف عام 2008 بسبب الاحداث الاستثنائية في البلد، وحصلت على كرسي في عمر ال18 اي تجاوزت مرحلة الدراسة ،بعد ان حصلت على راتب من الرعاية الاجتماعية راتب شهري تخصصه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لمساعدة المحتاجين الذين يستحقون وليس لديهم دخل شهري للمعيشة بمبلغ قدرة 100 الف دينار وجمعت الرواتب لشراء الكرسي. والدها يعمل بستوتة وسيلة نقل ،وهي دراجة من ثلاثة عجلات تستطيع نقل ثلاثة اشخاص إلى مسافات واماكن قريبة ، شاع استخدامها في العراق بعد احداث 2003 من قبل الطبقة الفقيرة والتي تحصل على قوتها بيومها كما نشاهدها في بعض الدول العربية والاجنبية بالكاد يستطيع تأمين معيشة عائلته ،التي لاتملك سكناً ويعيشون في البانزين خانة محطة تزود السيارات بالوقود البنزين متروكة لايوجد باب ولاشبابيك وتم استخدام قطع القماش القديمة بمثابة ستائر ، وفي حالة إعادة تأهيل وعمل البنزين خانة تضطر العائلة إلى البحث عن مكان تعيش فيه.
عن بدايات انخراطها في مجال الرياضة تقول قصران في أحد الايام حالفني الحظ وشاءت الصدف أن التقيت بأمرأة عطفت عليَه ودعتني لممارسة الرياضة مثل ابنتها بنبن كريم والتي تعاني من العوق الجسدي مثلي تماماً ، في البدء رفضوا أهلي هذه الفكرة خوفاً عليَه ،ولكن بعد اصراري واقناعهم تمت موافقتهم ، ومارست رياضة التنس مع بنين التي أصبحت لاعبة تنس محترفة، وتعرفت من خلالها على استاذ مسلم الوائلي مدرب التنس ،واستاذ حيدر شكري رئيس إتحاد اللجنة الباراولمبية ، وبعد تدريبي على رياضة التنس اشتركت ببطولة العراق في بغداد وحصلت على المركز الثالث ،ثم أقترح عليَ استاذ حيدر رئيس الإتحاد بتغيير رياضة التنس إلى التايكواندو بسبب ظرفي المادي الذي يحتاج مصاريف كثيرة ، بينما رياضة التايكواندو أفضل بالنسبة لي ومن السهولة ممارستها والتفوق فيها . تلقيت تدريبات عديدة في النجف وبغداد على يد الاستاذة المدربين باسم جربو ، وبركات نيران ، وباهر الخزعلي في النجف ، كما تمرنت مع المدرب الماستر حيدر يوسف في بغداد ، شاركت في أكثر من مباراة في بغداد وحصلت على المركز الثالث ، والثاني مرتين ، ثم شاركت ببطولة في محافظة النجف وحصلت على المرتبة الأولى والثانية خلال جولتين في هذه الرياضة ،وبعدها شاركت في بطولة العالم في دولة البحرين بمشاركة 23 دولة عربية واجنبية بواقع 96 لاعب ولاعبة في استعراض بونسي قتال خيالي ،شاركت وتفوقت في الجولة الأولى عراقية ، ثم الجولة الثانية باكستانية ، والثالثة بحرينية، والرابعة اوكرانية ، ثم الخامسة باكستانية مرة اخرى ، وحصلت على المدالية الذهبية وهي أول مشاركة لي في بطولة العالم برياضة التايكواندو،وكان شعوري وفرحي لايوصف عند تحقيق الفوز، واحسست أنني رفعت أسم وطني عاليا.
الداعم الاول
وعن الدعم والاسناد فكان والدها هو الداعم الأول منذ الطفولة لغاية الآن ، حيث كان ينقلها بالستوتة إلى مركز التدريب ويبقى بانتظارها لغاية إكمال التدريبات يوميا مايعادل ثلاث ساعات تدريب يوميا ، وكان لوالدتها أكبر الأثر والاسناد في مساعدتها والشد على يدها بالتعاون مع والدها ، احيانا يتناوبون على مساعدتها ، وبفضل الله وفضل والديها استطاعت تجاوز وضعها الصحي والنفسي ، والوصول إلى هذه المرحلة ،فبقوة الإرادة والدعم تغلبت على الصعاب والتحديات ،مؤكدة أن الإعاقة ليس إعاقة جسدية بل فكرية .تعرضت قصران للتنمر من قبل المجتمع بسبب إعاقتها ، وتصف المجتمع بأنه لا يرحم ذوي الاحتياجات الخاصة ، مشيرة إلى أن الرياضة النسوية عامة ولذوي الاحتياجات خاصة في العراق مظلومة، بالاضافة إفتقار هذه الشريحة إلى الاهتمام من الجهات المعنية والهيئات ، حيث لم تتلقى أي دعم من المجتمع والجهات الأخرى ، فقط كان دعم الأهل واللجنة الباراولمبية التي ساعدتها وقدمت لها كل العون .