لا حياة بلا ألم
ثامر مراد
في ظلام الليالي، حيث لا يُسمع إلا صدى الوجع، يعصف الحزن كالريح الهوجاء، لا يترك شيئًا في مساره إلا ويبعثره. إنه كالأعاصير التي لا تهدأ، تُسقط أوراق الأمل، وتترك الأرواح كالأشجار الجرداء، تنتظر عبثًا فصلًا جديدًا يحمل الخضرة.
أما أنين الخسارة، فهو صوت عميق ينبع من مكانٍ مجهول في النفس. كأنه حنينٌ مفقود، يروي قصص أحلامٍ تكسرت على صخور الواقع. صوتٌ لا يُرى، لكنه حاضر في كل شيء. يرافقنا كظلٍ ثقيل، يذكرنا بما كان، وبما لن يعود.
في عالم الخسارة، يبدو الفرحُ كسرابٍ بعيد، نطارده بلهفة، لكنه يتلاشى كلما اقتربنا منه. وكأن الدنيا تلهو بنا، تتركنا نرسم على رمالها أحلامنا، ثم تأتي أمواج القدر لتمحوها بلا رحمة.
ولكن، وسط هذا الحزن العاتي، يظل القلب كالجبال الراسخة، يتلقى الرياح العاصفة دون أن ينكسر. في أعماقه نورٌ خافت، يكافح ليضيء الطريق وسط العتمة. نورٌ يهمس لنا بأن الأعاصير لا تدوم، وأن الأنين ليس إلا مرحلة عابرة، مهما طالت.
وفي انتظار ذلك الفجر، نمضي. نحمل جراحنا كأوسمة، ونستمد من خساراتنا قوة جديدة. ففي النهاية، لا حياة بلا ألم، ولا نضج بلا تجربة. وما الأعاصير والأنين إلا تذكيرٌ بأننا أحياء، نتألم، نحب، ونأمل.