لعنةُ الأحد

سامي شهاب الجبوري

ليستْ لعنة الفراعنة عند المصريين ؛ ولعنة الآلهة عند اليونانيين وغيرها من اللَّعنات هي وحدها من يتسيَّد المشهدَ الدراميَّ في وعي الإنسان وذاته ، بل هناك لعناتٌ داخليَّةٌ تُضاهي تلك الخارجيَّة بلْ تتغلب عليها ، ومن تلك اللعنات لعنةُ الأحد التي تُصيب السادة الموظفين بسبب التحاقهم بوظائفهم بعد يومين من الإستجمام والراحة ، وتتلخص هذه اللعنة بإصابة الموظف بأرقٍ شديدٍ - مِقدراه تسعة رِخْتر - يجعلهُ في دوامة استحضار القصص والحكايا الخُرافيَّة وأُسطورة أبو الأزبري وتعليمات أبو الكصَّة الحمرة ، ويُزيد تفكيره بالوجود وكنهه (يعني يتفلفس مو يتفلسف) ، فضلاً عن رحلته الموسيقية التي تأخذه لأحضان سعدي الحلي وأغنيته (يا مدلولة اشبكا أبعمري) ؛ وشعبان عبد الرحيم الذي ناضل من أجل نغمة (أييييه) وتبدأ آهاته بدلاً من أيييهات المُطرب (شعبلة) ، إلى جانب ذلك كلّه تطلُّ على شواطىء ذهنه المُصطخب هلوسات اليوم الطويل ابتداء من صبحه حتى بداية عتبة اللعنة ، من جهةٍ أُخرى تبدأ حرارة الجسمِ بالارتفاعِ نتيجة الإنفعال النفسي وصولاً إلى أعلى درجات فهرنهايت الحرارية ، ممَّا يجعلهُ يتصارع مع الفراش مِراراً وتكراراً ، وتتوتر ميكانزمات الأعصاب وصولاً إلى التعبير عن تلك اللَّحظات والإرهاصات بتغريدة سريعة على تويتر . وبين ارتفاع هلوسةِ التفكيرِ وحرارة الجسد تظهر علاماتٌ تدلُّ على تلبُّد الجو العام بالمأساةِ والفنتازيا ، ووجودهما معاً دلالة إيقونيَّة على إصابة أصحاب لعنة الأحد بالتخريف المُبكر والزهايمر المُتأخر ، وتُصبح الحياة عندهم حُمُّص بطحينة وطرشي مدبس ، لأنَّ تكرار الفلم الهندي الذاتي كلّ يوم سبت وفي وقت الراحة الحقيقيَّة يُؤدي إلى انهزام الذات أمام نفسها بعد سلسلةٍ كبيرةٍ من الإنهزامات والمآسي التي تعرَّض لها أثناء اضطهاد (سي السيد البيت) الزوجة له ، وطلبات الأطفال ، ومُتطلبات الدائرة والحياة (وكلها كلها كلها اتريد منك ومحد انطاك) ، وفي مُحاولة منَّا للتخفيف على هذه الشريحةِ المنكوبةِ بالنوم يوم السبت من كلِّ اسبوع نعرض بعض الإرشادات للتخلُّص من هذه اللعنة ، وهي كالآتي :

1 – الاستعداد للنوم مُبكراً قبل ساعة أو ساعتين من الوقت المُحدد بحسب الساعة البايولوجية القديمة .

2 – الإيمان بقوة حبة (الفاليوم) وفاعليتها في (فر الديلكو) ثم الاستسلام للنوم . 

3 – مُمارسة نشاطات رياضيَّة مُجهدة ، أو أعمال صيانة قسْريَّة لأثاث المنزل ولوازمه لكي تشعر بالتعب (وينهد حليك) .

4 – تذكر الأمور السعيدة وترك المُحبطة كخرابيط أبو المولدة ؛ وخسارة الفريق الصومالي وغيرها ؛ علَّها تُسهم في زيادة ادرنالين الإسترخاء .

ويُمكن لكم أنْ تُضيفوا وصفات سحرية أُخرى ؛ بشرط الحفاظ على الهُوية الوطنية للَّعنة الملعونة .

  جماعة كركوك النقدية