فلم سمفونية البرونز .. إيقاعات هارمونية لخدمة المنجز
من عبقرية جواد سليم إلى ثراء ذاكرة أيمان خضير
عادل سعد
•هل يستطيع سينمائي ان يسجل عن جدارةٍ ايقاعاً هارمونيا لسمفونية كان فناناً عبقريا قد ألفها من البرونز وجعلها مشهدا مدهشا برواية شخوص متعددي الانتماءات والمواقف والتطلعات،،.
•اعتقد جازما ان المخرجة ايمان خضير قد نجحت في تحقيق ذلك من خلال فلمٍ غايةً في اللمسات الفنية رغم شحة الرصيد المتوفر لإنتاج شريطٍ بطابع تاريخي توثيفي استدراكي ،واعني يالاستدراك هنا المراجعة المبيتة بمنظور ميداني ومكاشفة صريحة ،وملاحقة للحدث في اكثر من منعطفٍ واحدٍ مع وجود قائمةٍ من الضنك والتوتر والالتياع وربما الخيبة .
لوحة تشكيلية
•لقد نجح جواد سليم في صنع أيقونة عبر تدرج موسيقي تقاسمه النحت ومقتضيات اللوحة التشكيلية التي يراد بها تدوين معرفي في تعاشق بنيوي على لافتةٍ عريضةٍ للحرية مع خطوط واجساد وتطلعات وفضاءٍ يتمتع بضياء مشرقي الوسامة .
•لقد انصب أهتمام السيناريست والمخرجة ايمان بملحمة جواد ضمن كشف تسجيلي اروائي عبر اربعة روافد • مخاض فكرة اقامة هذه الايقونة ذات التعدد المبهر • الا ستعدادات التي رصدت لولادته •الاحباطات بتوابعها المعروفة من نكايات وتشويه ومحاولة تسميم الجهود المبذولة وجهل مستشري ، واذا كنت قد لمست عن كثب حفيف الاجنحة الثقيلة وأنا أستمع إلى هدير سمفونية (بحيرة البجع) للموسيقار الرومانتيكي الروسي تشكايكوفسكي ،استطعت ان المسَ سمفونيةً منضبطةً للبرونز في منجز إيمان خضير ، واذا كانت الخبث موغلاً لدى البعض في الاستخفاف بالتوثيق وتضييع الهويات والتنصل وطغيان الشخصنة ، استطاع فلم نصب الحرية ان يكون فارسا تشيكليا بذاكرةٍ واعدةٍ .
لقد كشفت ايمان في الفلم عن اربعة هوامش واضحة• كيف كان العصف الاستشعاري للنصب
•المشاركة الواضحة في ادامة زخم المتابعة • المصهر والنقل والانتظارات ،الكلف الادارية والمالية والاعتبارية • ضغط الوقت حين أُريد للنصب ان يرافق الاحتفال بالذكرى الاولى لثورة 14تموز عام،1958 • الطامة الكبرى المتمثلة بمرض جواد سليم والانتكاسة الجسدية النفسية التي أصيب بها وروائح الادوية والاسئلة ثم وفاته في مشهد مأساوي قضم الكثير من الانسيابية المخصصة لأنجاز العمل .
ضربة شديدة
•أجمالاً كانـــــــــت وفاة جواد سليم ضربة شديدة الوطأة ،بل خسارة جسيمة لم تكن على جــــــــــدول التوقعات .
•لقد رصدت أيمان في فلمها كل الابواب التي تم اغلاقها لكيلا يرى النصب النور ،أي ما يتعلق بالإعداد اللوجستي ، أختيار الإطلالة التي ينبغي ان تكون له ، المعادلات الخاصة بما يمكن ان اصطلح عليه ارث جواد ،الفراغات الـــــموزعة بين أجراءات الحدث .
•إن كل الذي حصل لم يثنِ المخرجة من المعاينة برباطة جأش والاستثمار الموفق للمقاربات الفيزيائية التي يمتلكها الفن السابع ، كذلك استخدام الظل والضوء ضمن مناوبة رومانسية التداول ، توظيف بيانات التظاهرات وهي تشق طريقها في شوارع بغداد ،اللمسات الاجتماعية الشعبية العراقية الودودة ذات العفوبة العالية بين جواد وأمه ، المعالم الكلاسيكية للشخوص والابنية والزوايا ، الشهود الوثائقيون في احاديث موظبة بمهارة ، حضور العاطفة السياسية الفتية للزعيم عبد الكريم قاسم ، ختاما لي أن اشيد بالاكاديمي والاعلامي المتمرس الدكتور كاظم المقدادي في إدارته الهـــــــــادئة المؤنـــــــــــسة الذكية للحوار الذي جرى على هوامش عرض الفلم .